وتوقع خبراء ومطوّرون عقاريون استمرار أسعار العقارات في رحلة الصعود نتيجة زيادة الطلب عليها سواء كاستثمار آمن أو للسكن، في ظل الارتفاعات القياسية التي شهدتها البلاد في العقد الأخير نتيجة عدم الاستقرار والاضطراب السياسي والاقتصادي.
وأرجعوا -في تصريحات للجزيرة نت- أسباب الارتفاع المتوقع في أسعار العقارات (وحدات سكنية، محالّ تجارية) إلى أمرين: أولهما النمو السكاني المطّرد، وثانيهما ارتفاع أسعار المواد الخام بنسب كبيرة، مثل الحديد والإسمنت ومواد التشطيب.
وأكد الخبراء أن الأسعار الحالية هي عند أعلى نقطة لها في قطاع المقاولات والعقارات في مصر، وتهدد بحدوث اضطرابات على المستوى المالي والإنشائي سواء للمطورين العقاريين أو المشترين، وتراوح الزيادة المتوقعة بين 15% و25%.
ورأى وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب طارق شكري أن الزيادة الجديدة لا مناص منها، وأوضح في تصريحات متلفزة أن “الخرسانات التي تشكل ثلث حجم التكلفة والتشطيبات التي تشكل أيضا ثلث حجم التكلفة شهدت ارتفاعا بنسبة 80% تقريبا”.
وقدّر شكري، وهو رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات أيضا، الزيادة المتوقعة للعقارات بين 10% و15% في الشهرين المقبلين، حتى يتمكن المطوّر من الوفاء بالتزاماته ويقوم بتوريد مواد بناء وخامات جديدة.
وقفز سعر طن الإسمنت في أول نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1250 جنيها مقارنة بنحو 725 جنيها من الشهر ذاته العام الماضي، وقفز سعر طن الحديد إلى 15 ألفا و500 جنيه مقارنة بنحو 9500 جنيه العام الماضي (الدولار يساوي 15.75 جنيها).
وأرجعت مصانع الإسمنت والحديد زيادة الأسعار نتيجة زيادة تكلفة الطاقة (الغاز الطبيعي والفحم) التي تمثل أكثر من 60% من مدخلات الإنتاج، وتكبدها خسائر كبيرة إذا لم ترفع الأسعار بما يغطي التكاليف الجديدة.
ووافق رئيس الوزراء في نهاية الشهر الماضي على قرار زيادة سعر بيع الغاز الطبيعي للأنشطة الصناعية (مصانع الحديد والصلب والإسمنت والأسمدة والبتروكيماويات) بنسبة 27.8%، لتبلغ 5.75 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، مقابل 4.5 دولارات، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع الشهر الجاري.
وتراوح أسعار الوحدة السكنية خارج المجمعات السكنية المخدّمة في القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، حلوان) بين 800 ألف جنيه و1.5 مليون جنيه للمساحات بين 150 و220 مترا، وتراوح بين 1.750 مليون و3 ملايين جنيه للوحدة داخل تلك المجمعات، وفق مدير مكتب مكة للتطوير العقاري بمدينة السادس من أكتوبر بالجيزة.
وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن أسعار العقارات لم تنخفض في يوم من الأيام منذ بدء نشاطه فيها قبل أكثر من 11 عاما، وقد تهدأ وتيرة البيع وتتباطأ فقط، لكنها لا تتوقف ولا تنخفض مطلقا، وهي أكثر استثمار مضمون في ظل تقلبات الأسعار، مشيرا إلى أن ثمن الوحدات السكنية زاد بأكثر من 300% منذ ذلك الحين وأن الزيادة السكنية كلمة السر في استمرار الطلب.
توقعات بارتفاع أسعار العقارات في مصر بين 15% و25% (الجزيرة)فوضى ارتفاع الأسعار توقع عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء محمد عبد الرؤوف ألا تتضرر شركات التطوير العقاري العملاقة من غلاء أسعار الخامات بشكل كبير بسبب ملاءتها المالية القوية، ولكن الشركات الأخرى الصغيرة سوف تتأثر من دون شك، وسينتج عن ذلك تأخير في تسليم الوحدات السكنية.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن العقارات وصلت إلى أعلى نقطة في الأسعار، وهذا الارتفاع الجنوني في أثمانها لا بد أن يتوقف سواء في مصر أو العالم لأن ارتفاعها لا يصبّ في مصلحة أحد، وإلا ستصبح هناك فوضى في الأسعار، مشيرا إلى أن المشروعات التي تقوم بها الدولة وفّرت بدائل للطبقات المحدودة والمتوسطة لمواجهة الطلب بسبب النمو السكاني.
وأشار الخبير العقاري إلى حدوث تباطؤ في بيع العقارات، لأن العالم كله يمر بفوضى اقتصادية في ما يتعلق بتوفير الخامات، ويعتقد أنه لن يقدم على الشراء إلا المحتاج والمضطر، لافتا إلى أن سعر العقار في مصر يرتفع ولا ينخفض بعكس كثير من بلدان العالم فلا يستمر الارتفاع فيها طويلا، ولا بد من وقفة لالتقاط الأنفاس.
زيادات تواكب ارتفاع أسعار الخدمات رأى النائب الأول لرئيس اتحاد المقاولين العرب درويش أحمد أن الزيادة المتوقعة في أسعار العقارات تعدّ طبيعية وغير مقلقة نتيجة ارتفاع أسعار مدخلات البناء في مصر والعالم، ومن ثم ارتفاع أسعار تكاليف الوحدات السكنية، ولكنها تختلف من مطور عقاري إلى آخر بحسب الربح الذي يضعه نصب عينيه، وهذا يفتح الباب أمام المنافسة في البيع.
وأكد في تصريحات للجزيرة نت أن الزيادة في التكاليف هي نتيجة زيادة المواد الخام كالحديد والإسمنت التي زادت تكلفة إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وقبل سنوات كان هناك سبب وجيه هو تحرير سعر صرف الجنيه، مشيرا إلى أن تكاليف البناء هي انعكاس من دون شك للأوضاع الاقتصادية، ويعتقد أن الاتجاه العام في المستقبل سيكون باتجاه الوحدات الصغيرة الحجم.
وتوقع أحمد أن ترتفع أسعار العقارات بنحو 15%، لافتا إلى أن هذه الزيادات حالة موجودة منذ سنوات بعيدة، ولكن نسب الزيادة هي التي تختلف نتيجة القرارات الاقتصادية التي تصدر في كل فترة، وسوف تفرض على المطورين العقاريين أن يقللوا هامش الربح لتوفير وحدة سكنية مناسبة للبيع والشراء.
حجم الطلب وقطاع المقاولات وفي أغسطس/آب الماضي قال وزير الإسكان عاصم الجزار إن هناك زيادة سنوية تقدّر بنحو 2 إلى 2.5 مليون نسمة سنويا، تحتاج من 500 إلى 600 ألف وحدة سكنية، مؤكدا استمرار زيادة الطلب على الوحدات السكنية.
ويسهم قطاع المقاولات بنحو 17% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق بيانات الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، الذي يضم تحت مظلته نحو 30 ألف شركة، منها نحو 15% إلى 20% من شركات الدرجة الأولى التي تنفذ المشاريع الضخمة.