توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ولاية ميشيغان الأميركية إلى أن الأوكسيتوسين، الذي يُطلق عليه أيضا “هرمون الحب”، يساعد على التئام القلوب المكسورة بالمعنى الحرفي للكلمة.

وأنه في حال تعرضك -لا قدر الله- لنوبة قلبية، فإن وجود هذا الهرمون في دمك في الوقت المناسب وبالكمية الكافية سيفيد كثيرا في تجديد الخلايا المتضررة، حتى إن مؤلفي الدراسة أوصوا بضرورة فحص الأوكسيتوسين عند التعرض لإصابة في القلب.

هرمون الحب

تنتج أجسامنا الأوكسيتوسين عادة عندما نقع في الحب، ولهذا السبب أطلق عليه اسم “هرمون الحب” أو “هرمون العناق”، إذ يساعدنا على توثيق الارتباط بأحبائنا، ويعزز مشاعر الرضا والأمان والثقة تجاه الأشخاص الذين نهتم بهم بالفعل، كما يشتهر هذا الهرمون العصبي بتوليد مشاعر ممتعة.

ووفقا لموقع جامعة “هارفارد” (harvard)، فإن الغدة النخامية تطلق الأوكسيتوسين في مجرى الدم من خلال اللمس وسماع الموسيقى وممارسة التمارين، وكذلك العلاقة الزوجية.

وتتمثل وظيفة الهرمون الرئيسية في تسهيل الولادة، حيث يحفز الأوكسيتوسين عضلات الرحم على الانقباض، وبمجرد ولادة الطفل، يساعد الأوكسيتوسين على نقل الحليب من القنوات الموجودة في الثدي إلى الحلمة وتعزيز الروابط بين الأم والطفل.

ويساعد الأوكسيتوسين أيضا في حماية نظام القلب والأوعية الدموية من الإصابة عن طريق خفض ضغط الدم وتقليل الالتهاب، كما يعمل على تنظيم القذف ونقل الحيوانات المنوية وإنتاج هرمون التستوستيرون عند الذكور.

شفاء القلوب

ووفقا لموقع “لايف ساينس” (livescience) العلمي، فإن دراسة -منشورة يوم 30 سبتمبر/أيلول 2022 في مجلة “فرنتيرز إن سيل آند ديفلوبمينتال بيولوجي” (Frontiers in Cell and Developmental Biology)- أجريت على أسماك الزرد والخلايا البشرية أظهرت أن الهرمون الذي يصنعه الدماغ قد يساعد أنسجة القلب على التجدد بعد الإصابة، وأنه من الناحية النظرية يمكن استخدامه يوما ما في علاج النوبات القلبية.

كما أوضح مؤلفو الدراسة -في بيانهم الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (eurekalert)- أن هذه الوظيفة لم تكن متوقعة ضمن وظائف الأوكسيتوسين، ولكن تم التثبت منها على الأقل لدى أسماك الزرد، وذلك من خلال تحفيز الخلايا الجذعية المشتقة من الطبقة الخارجية للقلب (النخاب) على الهجرة إلى الطبقة الوسطى (عضلة القلب)، مما يساعد على استبدال خلايا عضلة القلب المصابة والميتة.

وتشير النتائج المبكرة في الخلايا البشرية أيضا إلى أن الأوكسيتوسين يمكن أن يحفز تأثيرات مماثلة لدى البشر، وذلك إذا تم منحهم الهرمون في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة.

يقول الدكتور آيتور أغيري -الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الطبية الحيوية بجامعة ولاية ميشيغان وكبير مؤلفي الدراسة في البيان الصحفي- إن “الأوكسيتوسين قادر على تنشيط آليات إصلاح القلب في القلوب المصابة في أسماك الزرد وزراعة الخلايا البشرية، مما يفتح الباب أمام علاجات جديدة محتملة لتجديد القلب لدى البشر”.

14 هرمونا آخر

كما يقول مؤلفو الدراسة -في بيانهم- إنه لسوء الحظ فإن إنتاج الخلايا الشبيهة بالخلايا الجذعية غير فعال لتجديد القلب لدى البشر في ظل الظروف الطبيعية.

ولكن تشجيع المزيد من الخلايا النخابية على التحول إلى خلايا عضلة القلب بطريقة أو بأخرى يمكن أن يساعد القلب على إعادة بناء نفسه بعد الإصابة.

اختار العلماء سمكة الزرد لهذه التجربة، بسبب قدرتها الاستثنائية على تجديد الأعضاء، بما في ذلك الدماغ وشبكية العين والأعضاء الداخلية والعظام والجلد، وتوصلوا إلى أنه في غضون 3 أيام من تعرض قلب الزرد للإصابة، فإنه يزيد إنتاج الأوكسيتوسين حتى 20 ضعفا في الدماغ، مما يؤدي إلى إصلاح خلايا القلب الميتة أو التالفة.

وقد أظهر الباحثون في الدراسة بشكل حاسم أن الأوكسيتوسين له تأثير مماثل على الأنسجة البشرية في المختبر. إذ قام الباحثون باختبار 14 هرمونا آخر مما تطلقه أدمغتنا، إلا أن أيا منها لم يتمكن من القيام بما يفعله هرمون الحب.

كيف تزيد هرمون الحب؟ 

وفقا لموقع هارفارد، فإنه من الصعب في حال إعطاء الأوكسيتوسين لمرضى الاكتئاب -على سبيل المثال- أن يأتي بنتائج جيدة نظرا لصعوبة تسلل الهرمون عبر الحاجز الدموي الدماغي، إلا أنه توجد طريقة ناجحة أكثر لتعزيز الأوكسيتوسين بشكل طبيعي، وهي ممارسة الرياضة، وكذلك الاستماع إلى الموسيقى أو الغناء بشكل جماعي، مما يزيد من الترابط، وهذا ما توصلت إليه دراسة أجريت عام 2015 على 4 من المطربين.

ووفقا لموقع “هيلث لاين” (healthline) فإنه يمكن زيادة إنتاج الأوكسيتوسين في دمك أيضا من خلال:

1. ممارسة اليوغا: إذ تشير الأبحاث منذ عام 2013 إلى أن اليوغا قد تساعد على زيادة إنتاج الأوكسيتوسين.
2. الحصول على تدليك: وجدت دراسة -أجريت عام 2012 على 95 بالغا- أدلة تشير إلى أن 15 دقيقة من التدليك من قبل أحد أفراد الأسرة تساعد الأشخاص على الاسترخاء وتزيد مستويات الأوكسيتوسين كذلك.
3. أخبر الآخرين بمدى اهتمامك: تساعد مشاركة حبك وعاطفتك مع الأشخاص الذين تهتم لأمرهم في زيادة هرمون الأوكسيتوسين لديك.
4. قضاء الوقت مع الأصدقاء: قضاء وقت ممتع مع الأصدقاء يساعد على الشعور بالدعم الاجتماعي ويجعلك أقل عزلة عن العالم.
5. التأمل: يمكن أن تساعد ممارسة التأمل يوميا في تقليل التوتر والقلق وتحسين حالتك المزاجية، ولإنتاج الأوكسيتوسين خلال تأملك ركز تفكيرك على شخص تهتم لأمره.
6. الاحتضان أو العناق: يمكن للعناق والإمساك باليد أن يفعل المعجزات، لذا خذ بضع لحظات من أجل عناق طويل مع زوجك أو طفلك.
7. كن كريما: يمكن أن تؤدي سلوكيات الإيثار والكرم إلى تعزيز إفراز الأوكسيتوسين، قدم هدية لشخص ما أو قم بعمل لطيف يدخل السعادة عليه، وهذا سيجعلك تشعر بالسعادة.