ابراهيم شقلاوي يكتب :السودان تحديات ازمة الغذاء والطاقة
السودان تحديات ازمة الغذاء والطاقة.
ابراهيم شقلاوي
كثر الحديث في الاوان الاخيرة عن ازمة الغذاء واللطاقة التي تهدد الدول الافريقية وبعض دول العالم الاخري جراء عدم الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي وضعف التمويل وشح الموارد وبروز عامل مهم في الأوان الاخيرة تمثل في الحرب الإوكرانية الروسية والمرشحة لاتساع نطاقها خلال المرحلة القادمة في حال فشلت جهود الوساطة لإيقافها.. حرب بين دولتين تنتجان اكثر من 30 ٪ من احتياجات العالم من الغذاء خصوصاً القمح والزيوت فكما نعلم اوكرانيا وحدها مسؤولة عن تزويد المنظمة الدولية بما يقدر ب 50٪ من الحبوب والتي تقدم كمساعدات لصالح مناطق الفقر في العالم.
فرضت الحرب الروسية على أوكرانيا حالة من عدم الاستقرار بشأن إمدادات المحاصيل الزراعية وأدى ذلك إلى ارتفاع صارخ في اسعار التعاقدات المستقبلية خاصة للقمح الذي لم يكن يحتاج للمزيد من الصدمات السعرية بعد أن سببت جائحة كرونا ارتفاع سعره بنسبة 80 ٪ خلال العامين الماضيين.
كما ان خروج عدد من شركات المحاصيل الزراعية الغربية العاملة في أوكرانيا على توريد وتصدير القمح والذرة إلى العالم اثر بصورة مباشرة علي تهديد سلاسل الإمداد الغذائية ..
علي ذات الصعيد سارعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي في بيان لهما بالتحذير أن التأثيرات المجتمعة في السودان الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية وضعف الحصاد.. ستؤثر بشكل كبير على إمكانية حصول الناس على الغذاء.. وقالت المنظمتان التابعتان للأمم المتحدة في بيان مشترك إنه من المرجح أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع الحاد في السودان إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر المقبل.
جراء هذه التطورات سارع السودان للاعلان عن موقفه في جانب احتياطات الغذاء علي لسان وزير الزراعة والغابات أبو بكر عمر البشري الذي اكد على عدم إمكانية حدوث مجاعة في السودان بحسب التقارير الواردة عالمياً.. وقلل من تأثيرات الحرب بين أوكرانيا وروسيا، على موقف القمح في البلاد.. وأكد أن موقف المخزون الاستراتيجي بالبلاد جيد وهناك وفرة.. وقال إن القمح المتوفر بولايتي الجزيرة والشمالية يكفي احتياجات البلاد.
يري مراقبون ان السودان يحتاج الي توفير مورد ماليه عاجلة و مستقرة بالاستفادة من علاقاته مع الصناديق العربية والحكومات الشقيقة والصديقة لتأمين الغذاء والطاقة بالنظر الي وجود الاراضي الزراعية وتوفر المياه والموارد و البنيات التحتية الجيدة و التي تحتاح للصيانة الدورية وتوفير المدخلات.. هذا بالإضافة الي وجو الأيدي العاملة والخبرات.
اما عن التحذيرات المتعلقة عن ازمة الطاقة المحتملة في غياب تنفيذ الخطط والبرامج وضعف الموارد وزيادة الطلب السنوية المقدرة بنحو 15٪ والتي لم تجد استجابة حقيقية خلال الثلاث اعوام الاخيرة بسبب ظروف الاستقرار السياسي وتدهور الاقتصاد وعدم الايفاء بمتطلبات تطوير قطاع الطاقة.. فان السودان يحتاج الي جذب الاستثمار الأجنبي لهذا القطاع حتي يتمكن من النهوض ومقابلة الطلب المتزايد للكهرباء في القطاع الزراعي والصناعي علي وجه الخصوص.. هناك جهد مبذول الا انه تأخر كثيرا عن خطط تطوير القطاع بوصفه اهم قطاعات الطاقة بالبلاد لمايمثله من مفتاح لكافة الصناعات وتحريك الانتاج.
من الملاحظ ان الفترة ماقبل الاعوام الثلاث الماضية شهدت طفرة تنموية مقدرة ساعدت لحد كبير في استقرار الكهرباء وانسياب المياه للمشروعات الزراعية الكبري في الجزيرة والمناقل ووالرهد والشمالية حيث
رفعت نسبة تخزين المياه في السدود من بغرض الزراعة وتوليد الكهرباء من (3) مليار الي (20) مليار متر مكعب ونسبة التوليد المائي في الكهرباء من (1.500) الي (8.500) قيقاواط ساعة هذا بالإضافة الي التوليد الحراري الذي ارتفع الي 1800 ميقاواط رغم تعسر دخول منظومة سيمنس في قري وبورتسودان ب 920 ميقاواط بسبب توقف التمويل كان يتوقع اكتمال دخولها الشبكة القومية للكهرباء في 2019م.. هذا بالاضافة مشروعات الطاقات البديلة والمتجددة مثل طاقة الرياح و الطاقة الشمسية المزمع انشاؤها في ام درمان ودنقلا باضافة 220 ميقاواط..
كما نجد مشاريع مثل سد مروي وتعلية الروصيرص وستيت وأعالي عطبره والربط الإثيوبي..قد شكلت استقرار جيد في فترة من الفترات في قطاع الكهرباء مع استمرار توفير وقود التشغيل والمحافظة علي البرنامج السنوي للصيانه الذي يشمل الخطوط والمفاتيح والمحولات والذي توقف بسبب عدم الالتزام بالخطط الموضوعة والبرامج المعدة بجانب عدم الايفاء بالاتزامات المالية و تباطؤ الفعل الاداري نتيجة عدم استقرار العاملين جراء سياسات الفصل التعسفي و عدم الحافز علي الانتاج وشح الموارد.
هذا الواقع شكل تحدي كبير للحكومة السودانية في الفترة الماضية وكذلك خلال الفترة المقبلة لذلك من المهم الاتجاه نحو اعادة ترتيب قطاع الكهرباء ليتمكن من القيام بمهامه الاساسية في تحقيق الاستقرار المساعد في عمليات التنمية الاقتصادية والزراعية.. بالاضافة الى توظيف برنامج حصاد المياه بحفز الريف للاتجاه الي الاستثمارات الزراعية وزيادة انتاج الثروة الحيوانية فهناك بنية جيدة حققتها هذه المشروعات اذ نجد 38 سد و 500 حفير لحجز مياه الخريف والاستفادة منها فترة الصيف بجانب 700 بئر تعمل بالطاقة الشمسية.. ليس بالامر السهل اذا احسنت ادارة هذه المشروعات واحسن توظيفها لفائدة الانسان والحيوان هذا بالإضافة الي اهمية الاستمرار في إقامة مثل هذا المشروعات التي تعزز فرص الاستقرار وتنمية الريف وزيادة انتاج الغذاء للمجتمعات المحلية وتدعم استقرار المرعي والعودة الطوعية للنازحين .
اما في جانب النفط كاهم مصدر للطاقة في البلاد والذي دخل دائرة الانتاج في العام 1998 حيث بدأ الإنتاج النفطي في حقول أبي جابرة وشارف، ثم لحق بذلك الإنتاج من حقول عدارييل وهجليج وكان مجمل إنتاج النفط في تلك الفترة في حدود الثلاثة ملايين برميل تراجع نصيب السودان من الإنتاج النفطي بعد انفصال الجنوب إلى 120 الف برميل يومياً حيث تقدر احتياطات البلاد بنحو 6 مليارات برميل، في حين تستخدم 1.7 مليار برميل فقط.. وهذا يحتاج لمزيد من الجهد بينما يبلغ الا حتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي نحو مليار متر مكعب.. وسبق ان اعلنت وزارة النفط السودانية عن خطتها لزيادة إنتاج النفط من 55 ألف برميل إلى 75 ألفا يوميا كمرحلة أولى، لتحقيق الاكتفاء الذاتي للاستهلاك المحلي.. ثم المرحلة الثانية من الخطة تستهدف زيادة الإنتاج من 75 ألفا إلى 105 آلاف برميل، والثالثة من 105 آلاف إلى 155 ألف برميل يوميا، على أن يتم تنفيذ هذه الخطة ما بين ثلاث سنوات إلى خمس سنوات تكتمل في العام 2025 م بعد توفير التمويل اللازم لتنفيذها.
من خلال كل ماذكر يمكننا القول ان السودان يحتاج بشدة للاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي حتي يتمكن من تجاوز الازمات الماثلة ومزيد من الازمات المتوقعة في المستقبل القريب في جانب شح الغذاء وضعف الطاقة المتاحة للدفع بعجلة التنمية وانعاش الاقتصاد .. لذلك علي قيادة الدولة استعجال الاستقرار الاقتصادي والسياسي والامني من خلال التوافق الوطني او الانتخابات لجذب رؤوس الأموال العربية و العالمية للسودان في ظل الاستعداد الذي تبديه عدد من الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة بالمشاركة في دعم التنمية والاستقرار في البلاد من خلال قيام المشروعات المنتجة ذات العائد والاثر الاقتصادي الكبير في توظيف البطاله ورفع مستوي دخل الافراد لتجاوز تحديات ازمة الغذاء والطاقة المحتملة خلال الاعوام القادمة.. فالاستقرار وحده هو المفتاح لجذب رؤوس الأموال التي تبحث عن الاستثمارات ذات العائد.. فقد باتت فرص السودان واسعة في هذا المجال جراء مايعانيه العالم من شح الموارد والغذاء..
بالله التوفيق.