«إيجار قديم»… دراما اجتماعية خفيفة تستعيد دفء العلاقات
مؤلف المسلسل المصري قال إنه يعرض نماذج إنسانية متنوعة
«إيجار قديم»… دراما اجتماعية خفيفة تستعيد دفء العلاقات
يتصدر مسلسل «إيجار قديم» قائمة الأعلى مشاهدة على منصة «Watch it»، كما يحقق العمل الذي يُعرض بالتوازي معها على قناة «on»، صدى واسعاً؛ لمناقشته مجموعة من القضايا المهمة التي تمس قطاعاً كبيراً من الجمهور، فضلاً عن استعادة أجواء العلاقات الدافئة بين الجيران.
ويشير عنوانه إلى قضية شائكة في مصر، تثير نقاشات واسعة منذ سنوات طويلة، وهي «الإيجار القديم» من خلال الشخصية الرئيسية «رمزي» مدرس الموسيقى المُحال على المعاش الذي يفاجئ بطرده من شقته المؤجرة بعمارة في
حي راقٍ بالقاهرة؛ حيث يتمكن صاحب العمارة التي يسكنها من الحصول على قرار بهدمها لسوء حالها؛ فيجد نفسه بلا مأوى، ولا يجد حلاً أمامه سوى اللجوء إلى عمارته التي يملكها بالحي نفسه، والتي كان يؤجرها بنظام «الإيجار القديم» منذ سنوات بعيدة، إلا أنه لا يجد له مكاناً بها.
يضم المسلسل مجموعة قصص واقعية عديدة، تسير في خطوط متوازية بين الأبطال، ويغلفها جميعاً إيقاع هادئ يخلو من المبالغة في التناول أو في أداء الممثلين، وفق آراء النقاد ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من تعقد بعض
المشكلات وصعوبة حل بعضها الآخر، ما بين المشكلة الرئيسية الخاصة بالسكن، والعلاقة بين الأب وابنه وصراع الأجيال، وتداعيات الطلاق على الأبناء، وتوتر العلاقة بين الزوجين، والسيدة المُسنة التي كانت فنانة معروفة في الماضي ولم يعد أحد يسأل عنها، وغير ذلك.
أثناء ذلك، يكتشف المشاهد أن قضية «الإيجار القديم» ليست في حد ذاتها الهدف الأساسي من المسلسل، إنما مجرد وسيلة لطرح حالات إنسانية متنوعة، كما أنها رمز لكل ما هو قديم وأصيل، فضلاً عن التعبير عن الطبقة المتوسطة المصرية،
من خلال حلقات تم تقسيمها فنياً بشكل صحيح؛ إذ تقدم جرعات متكاملة تكاد تكون متوازنة بين خطوطها المتعددة.
يقول عمرو الدالي، مؤلف العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «الإيجار القديم موضوع شائك وثقيل؛ لكنه مجرد إطار للموضوعات
والشخصيات التي أريد تناولها؛ فلا تعنيني مشروعات القوانين التي طرحت بشأنه، ولا أتحيز لطرف على حساب آخر».
ويتابع: «ما أحتفي به هو المشكلات الإنسانية التي يأخذني إليها نظام السكن القائم على الإيجار القديم؛ لأنه يمس قطاعاً
كبيراً من المصريين الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة التي أنتمي إليها، وهم في الوقت نفسه يمثلون جمهوري المستهدف».
من اللافت أن المسلسل يتضمن خطوطاً درامية كثيرة، تتشابك وتدفع المشاهد إلى التنقل سريعاً من قضية إلى أخرى في الحلقة
الواحدة، وكأنه أراد أن يقدم بانوراما حياتية للمصريين. يقول الدالي: «طبيعي أن تحتاج الدراما أبعاداً وخيوطاً كثيرة؛ كي تتمتع بالثراء، وتتلاقى مع الواقع»؛ مضيفاً: «جعلت هناك بروازاً يحمل عنوان (إيجار قديم) من حين إلى آخر، يتصدر هذا البرواز حالة
إنسانية تضج بالمشاعر والأوجاع أو الأمل والسعادة، وكان هدفي تقديم مسلسلات تدخل البيوت بسلام وأمان، لتبث الدفء والعاطفة بين الناس»؛ مشيراً إلى أنه بذلك يعمل على «إعادة إحياء الأعمال الدرامية التي كنا نشعر بالشغف لمشاهدتها».
في السياق ذاته، حرص المؤلف على أن يعظِّم دور النص والبطولة الجماعية في الدراما من جديد؛ يقول: «عملت على تقديم دراما اجتماعية خفيفة، بها مسحة من الكوميديا التي تخفف من حدة الأوجاع والأحزان النابعة بشكل طبيعي من الحالات
الإنسانية التي يناقشها. واعتمدت معالجة تقوم على البساطة الشديدة، وحواراً يستند إلى اللغة السائدة داخل الأسر من دون مبالغات أو صوت مرتفع وضجيج. وكنت أضع أمام عيني المسلسلات القديمة التي نجحت بسبب بساطتها وتناولها القضايا الاجتماعية التي تمس الناس برقي».
ينتصر «إيجار قديم» للبطولة الجماعية؛ فعلى الرغم من أن الفنان شريف منير يؤدي الشخصية الرئيسية في العمل، فإن البطولة يتقاسمها فريق العمل بشكل متقارب. يقول الدالي: «لا أتحيز للبطولة المطلقة لفنان»؛ ويردف: «أرتاح للمسلسلات التي تركز على أكثر من شخصية؛ فذلك هو المعنى الحقيقي لكلمة (تمثيلية)».
وفي حين أبدى كثير من المعلقين على «السوشيال ميديا» إعجابهم باستعادة الأجواء القديمة التي تسودها المودة والتعاون بين الجيران في المسلسل، فإن البعض الآخر استبعد استمرار وجود هذه الأجواء في الواقع، واصفين إياها بـ«الماضي
الجميل»؛ إلا أن الدالي يقول: «نعم، قد تكون تراجعت، إلا أنها لم تندثر؛ لا سيما في الأحياء المصرية القديمة العريقة، مثل شبرا، والسيدة زينب… وقد استلهمت بعض الخيوط من شخصيات حقيقية».