مقالات

إشتياق الكناني تكتب حينما سقط فارس حصاني الأبيض

إشتياق الكناني تكتب حينما سقط فارس حصاني الأبيض
لحظة من لحظات حياتك… تمر لمحات فيها، تسألها بهدوء أين نحن ذاهبون؟
وتبدأ تتصفح كتاب حياتك ذهابا وإيابا .. وطريق يعكس لك ظل الأشياء وتلمحها وتعبر بها إلى طريق آخر .. وتدور وتدور وتدور فيها وإليها وعليها ، وانت تلهث خلفها وخلف حلمك …. وربما أوهامك ، وربما خداع نفسك.. وطريقك يلتف حولك ويخنقك ويضيق بك.
وهنا يسقط شئ قيم ومهم ، هكذا صورته لك الأيام . ولكنك تكتشف حينها فقط وفي وهلتها… كم كانت كبيرة الأوهام !!!
وأنا حينما سقط فارس حصاني الأبيض قبل بيادق حياتي إلتف حولي وهم مخيف متوحش .. ظل يهمس في كل الأوقات بأن حياتك بدوني سراب….. لن تمضي… لن تنجحي. … لن توقدي شمعة من أجل هذا الظلام الذي يحيط بك آحاطة السوار بالمعصم.
وظل يهمس ويهمس .. وصوت نبضات قلبي ترتفع كلما زاد أقتراب صوته من أذني ، وكلما أحاط الظلام بجسدي… كنت أرتجف… يعرق جسدي … واسمع حبيبات العرق تتصبب علي الأرض كحبات رذاذ المطر … وكأن العرق أصبح بحرآ هائجا ، وانا مركب ورقي يتهاوي يمنة ويسرة ، هكذا اتخبط في أعماق البحر الهائج.
وانا لوحدي أصارع أوهامي وحقيقتي وزماني….. ظل ذاك الظلام اعتياديا في حياتي، صرت آلفه ويعرفني، نتصالح مع بعضنا ونتجاذب أطراف الحديث … كشخصين يجلسان علي رصيف مقهي عتيق يشربان القهوة ويتبادلان أطراف الحديث . وأحيانا نلعب الشطرنج .. وأحيانا نجلس قبالة بعضنا بصمت تام … قد يظن من يلمحنا أننا عاشقين يتأملان بعضهما .
كلما اقترح علي إن نلعب الغميضة كنت أخاف وأرتعش … لا أعرف من ماذا سوف استخبئ.
هل هنالك وحشة أكبر من وحشة الظلام؟
ونحن الآن اصدقاء…. رفيقان… حبيبان…. عاشقان… وهل تفيد التسمية.
وفي يوم صباحي غائم لمحت شئا غريبا في أعماق السماء الزرقاء الملبدة بالسحب البيضاء … نجمة تلمع وتبرق ، كأنها تمد يدها الئ… تضحك وتبتسم نحوي وترقص فرحا .
مددت يدي وحضنتها بايدي ولمستها ناعمة وبراق ضوؤها .
كأن هذه النجمة هي روحي التي فقدتها … تاهت مني … في ظل ظلام أيامي الكالحة .
الشئ الغريب أن قلبي لم يعد ينبض خوفا وانما ينبض فرحا .
كأنه عادت إليه الحياة بنورها وبريقها … عادت إليه رغبة الحياة (والمعافرة) والصراع لانتزاع حقه منها .
حينما سقط حصان فارسي الأبيض سقط معه ظلام حياتي ووحشتها .
الآن عدت انا كطفلة مقبلة لأول آيام على خطوات سيرها علي الآرض وحدها … تسير ببطء ، تسقط وتقوم وهي سعيدة ، فرحة، مبتسمة ، وصوت شهيق ضحكاتها تاتيك من أعماق روحها البريئة .

واسال نفسي .. لأي الموانىء أمضي وأي المنارات سوف تضيء لي الآن أنوارها .. وأي المناديل سوف تلوح وكم من دموع ستهوي .. وأسأل .. قلبي هل سوف تبقى خمائل روحي تصارع طرائد الرياح وتغالب حمي الفراغ وحدي .. وأسأل .. من أي حلم أتيت .. وإلى أي حلم تعود وفي أي جرح سأكتبك اليوم .. قصة أم قصيدة .. واشغل نفسي باشلاء حلم تهاوى وانتظر الآن موتي .. يطول انتظاري .. ويطول معه احتضاري ولا شيء يأتي …أعود فأسال .. من أين أمضي وإلى أين .. وهل انت أمامي أم خلفي .. من اين ابدأ حكايه عمري ومنك ابتدأ رثائي … اعود لألمحك تعبر سمائي .. واذوب قربك … أمد قلبي إليك فتزيح صدرك عني .. وأحنو بصدري عليك فتخشاني والمحك تختفي من أمامي .. اراك تحلق خلف حطامي .. أعود كما قد بدات وحيدة ، أعانق جرحي وأسئلتي تحتويني .. ولحن الوداع الأخير يسابق موتي .. ونبقى وأبقى ويبقى وداع هو الآن صمتي ..

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى