الأخبارالسودانتقارير

أمام منضدة مجلس الوزراء..تعديل “قانون المعلوماتية”.. عقوبات مشددة

أمام منضدة مجلس الوزراء..تعديل “قانون المعلوماتية“.. عقوبات مشددة

 

 

التعديلات أدخلت تعريفات جديدة للجريمة الإلكترونية..

لا خيار للقاضي سوى أن يوقع العقوبتين السجن والغرامة معًا..

منصات التواصل الاجتماعي باتت مهددًا أمنيًا ومجتمعيًا..

المخالفات والانتهاكات عبر الفضاء الإلكتروني تتفاقم بوتيرة متصاعدة..

تقرير : محمد جمال قندول

يناقش مجلس الوزراء في اجتماعه اليوم الأحد تعديلات على قانون المعلوماتية يطرحها وزير العدل مولانا عبد الله درف.

وكشفت مصادر بحسب الكرامة بأن التعديلات الجديدة شددت العقوبة وأدخلت تعريفات جديدةً للجريمة الإلكترونية.

وأضافت المصادر بأن أي شخص تتم إدانته في جريمة معلوماتية سيتم سجنه وتغريمه أي العقوبتين معًا، ولن تكون هناك عقوبة واحدة ولا خيار للقاضي سوى أن يوقع العقوبتين السجن والغرامة معًا، وأن العقوبات تصل لسبع سنوات في جرائم، وقد تصل عشر سنوات في أخرى.

الفضاء الخارجي
مما يجدر الإشارة إليه أن أول قانون معلوماتية أُجيز في يونيو 2007، وكان ذلك في بواكير تمدد منصات التواصل الاجتماعي قبل أن تتطور ويتسع مداها وإمكانياتها.

يعتبر قانون المعلوماتية من القوانين حديثة العهد في التشريعات السودانية. ويعتبر القانون الأكثر أهمية في الحفاظ على متانة المجتمع وتنقيته من الجرائم المستحدثة والمتصلة بالفضاء الخارجي الذي بات مراقبًا من كل العالم.

ويرى الخبير القانوني والمحامي أحمد موسى عمر بأن منصات التواصل الاجتماعي باتت مهددًا أمنيًا، بالإضافة لتهديدها مجتمعيًا، إذ تكمن خطورتها في أن المخطئ يختبئ أحيانًا خلف أسماء حركية، وأحيانًا خلف الحدود. وبرغم العقوبات، تستمر المخالفات بما يؤكد أن العقوبات غير قادرة على كبح جماح المخالفات بما يتطلب تعديلها وأن يكون السجن عقوبة وجوبية.

ويضيف موسى بأن القانون يجب أن يتحول إلى قانون عام وتصنف كجرائم لا يجوز فيها التنازل ويكون حق الادعاء فيها لكل من يتضرر من التعاطي غير المسؤول.

ودعا أحمد موسى عمر إلى ضرورة تحديث القانون بما يتواءم والوضع الأمني والعسكري وأن ترتقي فيه بعض الجرائم لخيانة الدولة، وأن يتم ربط العقوبات بحرمان الجاني من بعض الامتيازات التقنية مثل إغلاق الحسابات الخاصة بالاتصالات لزمن محدود أو للأبد بحسب نوع الجريمة.

مرحلة سابقة
ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي إنه على الرغم من مضي سنوات على صدور قانون جرائم المعلوماتية في السودان، فإن المخالفات والانتهاكات عبر الفضاء الإلكتروني ما زالت تتفاقم بوتيرة متصاعدة، وبأساليب أكثر جرأة وابتكارًا، صفحات تدار من خارج البلاد، ومنصات مجهولة الهوية تنشر الشائعات وتضرب في الثقة بالمؤسسات، دون خوف أو رادع، وكأن لا قانون يحكم هذا الفضاء المفتوح، لدرجة أن أصبح الفضاء الإلكتروني لاعبًا أساسيًا في الحرب الراهنة، وأصبحت أدواته المستخدمة أشد فتكاً وانتهاكاً من الدوشكات والراجمات التقليدية.
ويتساءل العركي قائلاً: أين الخلل؟ هل الخلل في القانون ذاته – نصوصًا وتشريعات – أم في التطبيق والتنفيذ؟

ويواصل في حديثه بحسب “الكرامة” أن القانون الحالي، رغم أهميته، وُضع في مرحلة سابقة لم تشهد هذا التطور السريع في أدوات وتقنيات الجريمة الرقمية.
ويتابع: فالقانون ركّز على الجرائم الكلاسيكية مثل اختراق البريد الإلكتروني أو المواقع، دون أن يواكب الجرائم الحديثة مثل التزييف العميق، والتضليل الإعلامي، والابتزاز الإلكتروني العابر للحدود، واستخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى مضلل.

ويشير د. عمار إلى أن القصور في تطبيق القانون هو الوجه الأوضح للمشكلة. إذ إن النصوص القانونية مهما بلغت دقتها، تبقى بلا قيمة ما لم تُفعّل بأدوات تنفيذية قوية وكوادر متخصصة.

الجهات العدلية والأمنية ما زالت تواجه تحديات تقنية وبشرية، أبرزها ضعف التنسيق بين الأجهزة، وقصور التدريب، وتعدد الجهات ذات الصلة دون وجود آلية مركزية موحدة لمكافحة الجريمة المعلوماتية التي وصلت لدرجة من التطور أن تطور نفسها ذاتياً، يقابلها قانون وتطبيق “محلك سر” وزاد: حتى حين تُرفع القضايا، فإن بطء الإجراءات، وصعوبة التتبع التقني، تجعل كثيرًا من المجرمين بمنأى عن المساءلة، مما شجع على استمرار الانتهاكات وجرأة المخالفين.

ويقول محدّثي أن المرحلة الراهنة، وما تشهده من حرب معلومات وإعلام إلكتروني ممنهج ضد الدولة، تفرض ضرورة تحديث قانون المعلوماتية ليتواكب مع تطورات العصر، وليتسع لمفاهيم جديدة تشمل الأمن السيبراني، حماية الخصوصية الرقمية، مكافحة الأخبار المضللة، والجرائم ذات البعد السياسي والمخابراتي.

ويضيف العركي بأن المطلوب ليس فقط تعديل النصوص، بل إرادة سياسية وتنفيذية لتطبيقها بحزم، وتوفير بنية تقنية متقدمة تمكّن من الملاحقة الإلكترونية داخل وخارج الحدود، مشيرًا كذلك إلى أن القانون موجود لكنه غير مواكب، والتطبيق على ضعفه موجود ولكن الردع غائب والنتيجة فضاءٌ مفتوح على الفوضى، يعبث فيه من شاء دون حساب، في ظل غياب واضح لمعادلة توازن بين الحق في التعبير وواجب حماية الأمن الوطني والمجتمعي.

 

المصدر: صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى