أسلم في مركزه عشرات الآلاف.. حزن في إندونيسيا بعد وفاة الداعية والناشط ستيفن كوه
جاكرتا – ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في إندونيسيا بخبر وفاة الداعية والناشط ستيفن كوه إندرا ويبوو، الذي اعتنق الإسلام في بداية شبابه، وتحوّل إلى داعية إسلامي وناشط بارز في الأعمال الخيرية حتى صُنف من قادة التغيير المجتمعي في بلاده.
وجاءت وفاة ستيفن كوه (41 عاما) قبيل صلاة العشاء مساء أمس الجمعة في مدينة سورابايا بجزيرة جاوا، حيث كان يتابع التجهيز لمهرجان اجتماعي وديني.
وينحدر ستيفن كوه من عائلة ذات أصول صينية في إقليم جوغجاكرتا وسط جزيرة جاوا الإندونيسية، واعتنق الإسلام عام 2000 عندما كان عمره 19 عاما بعدما كان كاثوليكيا ويدعو المسلمين إلى المسيحية.
وكان والده من أعضاء اتحاد كنائس إندونيسيا، وعندما علم بإسلام ابنه طرده من المنزل وأجبره على التنازل قانونيا عن حقه في الإرث.
وتداول خبر وفاة ستيفن كوه العديد من المشاهير في إندونيسيا، حيث كتب هداية نور واحد نائب رئيس مجلس الشعب الاستشاري تغريدة للعزاء في وفاته، وقال فيها إنه يدعو له بالجنة.
رعاية المسلمين الجدد
وفي عام 2003، وفي ظل انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا التي لم تسلم منها إندونيسيا، أسس ستيفن كوه مركز “مؤلف إندونيسيا” مع 3 من المسلمين الجدد، حيث يُعرَف المسلم الجديد في إندونيسيا بالمؤلَف نسبة إلى مصطلح المؤلفة قلوبهم، ليكون مركزا متخصصا في تعليم المسلمين الجدد.
وفي فبراير/شباط 2015، وبعدما أصبح لدى المركز 76 فرعا، نظم أول مؤتمر عام لأعضائه من المسلمين الجدد من مختلف جزر البلاد في مجمع معهد دار التوحيد الشهير بمدينة باندونغ الإندونيسية، لمناقشة مسيرة المركز في تعليم وتوجيه المسلمين الجدد، ووضع أسس تعليمية واضحة لهذه الفئة التي قد لا تلقى اهتماما كافيا من المنظمات والهيئات المنشغلة بقضايا مجتمعية ودينية وإغاثية أخرى.
وفي مقابلة مسجلة في أغسطس/آب 2020، قال ستيفن كوه إن مركز “مؤلف إندونيسيا” بدأ يسجل من يعلنون دخولهم للإسلام بالشهادة في مركزه منذ عام 2005، مؤكدا وصول عدد المسجلين آنذاك إلى أكثر من 63 ألف شخص ممن دخلوا الإسلام عن طريق المركز خلال 15 عاما.
واشتهر ستيفن كوه بمقطع يقول فيه إنه ليس هناك ما نحتاج أن نستعجل في الدنيا في إنجازه سوى الصلاة والحقوق التي على الإنسان القيام بها.
من قادة التغيير المجتمعي
وفي عام 2020، كرمت صحيفة “ريبوبليكا” الإندونيسية ستيفن كوه بوصفه أحد “قادة التغيير”، إذ كان يتحدث كثيرا عن إيمانه بأنه ما دام المال رزقا من الله فالعبد سيحاسب على إنفاقه والأفضل أن ينفقه في أعمال إنسانية وخيرية.
وخلال جائحة كورونا، كان ستيفن كوه مشغولا بتأسيس مشروع تجاري جديد، وفي الوقت نفسه يعمل على إنتاج الملابس الواقية للفرق الطبية، وكذلك توزيع المواد الغذائية، وتوزيع الكمامات والمعقمات والمستلزمات الطبية والمعونات على المحتاجين، لا سيما بعدما توقفت أعمال كثير من الناس بسبب إجراءات الإغلاق.
وكان لافتا أن هذه المعونات وزعت في 43 محافظة ومدينة منتشرة في 28 إقليما، وكان ممن وزعت عليهم مستشفيات تابعة للأقليات المسيحية والهندوسية والبوذية، إلى جانب المستشفيات العامة الأخرى، حيث كان ستيفن كوه يؤكد أن الإسلام علمه أن يكون نافعا للآخرين في مجتمعه.
وفي تصريحات صحفية له آنذاك، قال ستيفن كوه إن الإغاثة خلال الكوارث الطبيعية كانت أمرا ممكنا للكثير من الناس، أما خلال جائحة كورونا فكان الوضع استثنائيا، مما دفعه إلى إنتاج الكمامات وتوزيعها مجانا أو بيعها بأسعار مخفضة.
باع كل ممتلكاته
وأوضح ستيفن كوه أن كل ما قدمه كان من ماله الخاص، إذ أقدم على بيع أصوله من عقارات وسيارات بقيمة قدرت بنحو 900 ألف دولار لإنفاقها في أعمال إنسانية خلال جائحة كورونا، واشترى مساحات شاسعة من حقول الأرز المنتجة لمواجهة نقص الغذاء بين الأسر الفقيرة خلال فترة الجائحة.
وفي حوار تلفزيوني تستضيفه 4 مذيعات في قناة إندونيسية، قال ستيفن كوه إنه بعدما باع عقاراته وعاد ليسكن في بيت أهل زوجته، موضحا أنه أنتج أكثر من 3.5 ملايين كمامة، قدمت للفرق الطبية والمرضى في غرف العزل الطبي.
وأكد في اللقاء أن المال هو أمانة من الله تعالى وليس سوى أرقام، وأنه اختار ألا ينفق المال إلا في العمل الخيري والإنساني، وأنه يؤمن بالعاقبة الحسنة لمن يتصدق ويتبرع، متحدثا عن تقبل أسرته وأولاده قراراته، ومضيفا أنه يتمنى العيش في مكة المكرمة.
وقبل جائحة كورونا بعشر سنوات، أطلق ستيفن كوه العمل الإنساني لمركزه عندما وقع ثوران بركان ميرابي، ثم عاد للنشاط مع مؤسسات إنسانية أخرى في إعانة ضحايا زلزال وتسونامي بالو وما حولها في إقليم سولاويسي الأوسط، وجزيرة لومبوك عام 2018، وتواصل نشاط مؤسسته في تسونامي بركان كراكاتو في إقليم بانتن جنوب غرب جاكرتا.