أردوغان يفتح النار على إدارة بايدن.. ما الأسباب؟
هجوم أردوغان على إدارة بايدن يسبق لقاءه المنتظر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في سوتشي
أنقرة– في مقدمة كتابه الصادر حديثا بعنوان “من الممكن الوصول إلى عالم أكثر عدلًا” يرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المكون من 5 أعضاء دائمين يتحكمون بالعالم، بحاجة ماسة إلى إصلاح حقيقي. وهذا معنى العبارة الشهيرة التي يرددها باستمرار “العالم أكبر من خمسة”.
وقد حملت تصريحات الرئيس التركي، خلال وبعد كلمته داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، انتقادات حادة إزاء الولايات المتحدة. فما أسباب هذا الهجوم المفاجئ، وماذا يعني توقيتها قبل لقاء أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين غدا الأربعاء، وهل تشير إلى التصعيد والتوتر في العلاقات الثنائية على المدى القريب؟
غضب تركي
“العلاقات التركية الأميركية ليست على ما يرام. أمنيتنا كانت أن تتقدم العلاقة بين دولتين أطلسيتين في إطار الصداقة وليس وسط أجواء الخصومة، لكن مسار الأمور اليوم لا يبشر بالخير” هذا ما تضمنته تصريحات الرئيس التركي.
وأضاف أردوغان “صفقة إس-400″ (S-400) منهية بالنسبة لنا. سنبحث عن حقوقنا في إطار القانون الدولي بعد قرار إخراجنا من برنامج المقاتلة إف-35 (F-35). أميركا لا بد أن تدفع ثمن ما ارتكبته من أخطاء في أفغانستان. بايدن يواصل إرسال السلاح إلى التنظيمات الإرهابية شرق الفرات كما كان يفعل سلفه دونالد ترامب. اللقاء بالقيادة الروسية لن يتم على مستوى الهيئات بل بشكل منفرد ومباشر بين الرئيسين”.
تلك التصريحات المتتالية هاجم فيها أردوغان نظيره الأميركي مؤخرا، وفي مناسبات مختلفة، وهو ما يعبر عن الغضب التركي من الإدارة الأميركية.
وتوترت العلاقات بشدة بين البلدين العضوين بحلف الناتو العام الماضي، عندما حصلت أنقرة على منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة “إس-400” مما دفع واشنطن لتعليق مشاركة أنقرة في برنامج تصنيع طائراتها “إف-35”.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على إدارة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل ديمير و3 مسؤولين فيها، عقابا لأنقرة على شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية، في خطوة اعتبرت أنقرة أنها ستضر العلاقات مع واشنطن، مشيرة إلى أنها سترد بما يلزم.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار -في كلمة ألقاها أمام البرلمان خلال مناقشة ميزانية وزارته لعام 2021- إن شراء منظومة “إس-400” ليس خيارا بل ضرورة للحفاظ على أمن وسلامة واستقرار وسيادة تركيا، مشددا على أن بلاده ليست مجرد دولة تشتري مقاتلات “إف-35” الأميركية، بل هي شريك في صناعتها.
أسباب الهجوم
وفي السياق، ذكر الباحث التركي بالعلاقات الدولية طه عودة أوغلو -للجزيرة نت- أنه كان هناك تعويل تركي على إجراء لقاء بين أردوغان وبايدن على هامش قمة الأمم المتحدة بعد التنسيق الذي جرى بينهما مؤخرا بالملف الأفغاني، لكن عدم حدوث اللقاء كشف عن حجم الخلافات بين البلدين والتي ظهرت بوضوح من خلال تصريحات أردوغان الأيام الماضية.
ومن جهة أخرى، أكد أستاذ القانون الدولي بجامعة “كوجالي” سمير صالحة أن ردة فعل أردوغان تقول إن ما دفعه للتصعيد على هذا النحو ضد بايدن أبعد وأهم من قضية أزمة الصواريخ الروسية، مرجحا أن يكون السبب عائدا إلى الطرح الأميركي شرق الفرات ودعم الأكراد المناهضين لأنقرة هناك.
العلاقات التركية الأميركية
وعاد الباحث عودة أوغلو ليقول إن العلاقات التركية الأميركية “تعيش حاليا أسوأ حالاتها في الوقت الراهن، وحتى اللحظة يبدو أن المحاولات التركية لطمأنة الجانب الأميركي بخصوص ملف إس-400 والعلاقة مع روسيا لم تنجح”.
ويرى أن الأشهر المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا بين الأميركيين والأتراك في ظل تمسك أنقرة بمنظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة. وأضاف الباحث “وهذا سيضاعف الضغوط الأميركية على أنقرة وخصوصا حكومة أردوغان التي تستعد للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة”.
أما الأكاديمي التركي، فأوضح أن القيادات في أنقرة كانت تتطلع إلى قمة تركية أميركية في نيويورك أو واشنطن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يحدث ذلك، والرد التركي الحقيقي على واشنطن سيأتي خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي سيعقده أردوغان مع بوتين في سوتشي الروسية إذا حصل على ما يريده هناك.
وقال “بوتين سيعرض الكثير من الخطط والاقتراحات على أردوغان، ونتائج المقايضات هي التي ستقلق واشنطن حتما، وما جرى قد يكون تأكد أنقرة من حدوث تفاهمات أميركية روسية حول سوريا ترضي إسرائيل وتتجاهل إيران وتحمي قسد (قوات سوريا الديمقراطية) عبر إبقاء النظام السوري في العناية الفائقة بانتظار المرحلة الانتقالية، وتكون على حساب تركيا شمالي سوريا وأن عليها قلب الطاولة قبل أن تعلن ساعة الصفر”.
ولفت الى أن تطورات الأحداث بأفغانستان وطريقة تعامل إدارة بايدن مع الملف، إلى جانب دروس تحالف “أوكوس” (AUKUS) العسكري الأخير بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، والذي أطاح بفرنسا في لعبة التوازنات الدولية الجديدة، تعني تركيا قبل غيرها من العواصم أيضا، فالواضح تماما أن الخلافات التركية الأميركية حول العديد من الملفات الثنائية والإقليمية ما زالت قائمة، وأن لقاء أردوغان بايدن في يونيو/حزيران المنصرم لم يعالجها وأن فرص الأزمة الأفغانية لم تقرب المواقف بما فيه الكفاية.
المصدر : الجزيرة