مقالات

أحمد آدم سالم يكتب: أين الموازنة العامة لهذا العام .. يا وزارة المالية …؟

أحمد آدم سالم يكتب: أين الموازنة العامة لهذا العام .. يا وزارة المالية …؟

1/ غياب وتأخير الموازنة السنوية المتكرر أدى إلى غياب الخطة المالية للدولة ونتج عنه جميع الاختلالات الهيكلية فى الملف الإقتصادى بالسودان خلال السنوات الماضية

إن السودان وعلى مدى أربعة سنوات متتالية (2020 إلى 2023) يعانى من تأخير دائم للموازنة السنوية والتى وإن أجيزت فى بعض السنوات تعانى كثيرآ من التعديلات والتدخلات السياسية المخلة

2/ وتأخر إجازة الموازنة فى 2020 نسبة للخلاف الحاد بين اللجنة الإقتصادية للحرية والتغير ووزارة المالية حول السياسة الإقتصادية ، مما أخضع الموازنة للتعديل ثلاثة مرات خلال العام

وبعد إجازة موازنة 2021 وفى فبراير تم تعين الدكتور جبريل وزيرا للمالية وجاء بسياسة التحرير وقرر تحرير سعر الصرف والدولار الجمركى ورفع الدعم من السلع والخدمات مما أدى إلى إرتفاع سعر الدولار بصورة غير مسبوقة وتبعا لذلك ارتفعت الأسعار وزادت معاناة المواطنين المعيشية

ونفس تلك السياسة اتبعت خلال العام 2022 وقد أفضت إلى إستقرار سعر الصرف وانخفاض معدلات التضخم إلا أن الأسعار مازالت فوق طاقة المواطن وقوته الشرائية مما فاقم من معاناة المواطنين المعيشية.

3/ والآن وقد تأخرت إجراءات إجازة موازنة هذا العام كثيرا ونحن فى النصف الأول من يناير 2023 ولم تظهر الموازنة بعد ، وحتما إن تأخير إجازة الموازنة له مسببات وتترتب عليه بعض التداعيات الإقتصادية

تبدأ دائما إجراءات إعداد الموازنة سنويا فى سبتمبر من كل عام
وأى تأخير يؤدى الى عدم إجازتها خلال شهر ديسمبر يعنى أن هنالك خلافا كبيرا فى طريقة ومنهج إعداد الموازنة وحول بنود الإيرادات والمصروفات بين الهيئات والمؤسسات والوزارات ووزارة المالية ، او أن هنالك خلافا داخل مجلس الوزراء الذى يجيز الموازنة بعد أن تقدمها وزارة المالية كمقترح لموازنة العام

2023
أو أن الموازنة بعد أن أجيزت من قبل مجلس الوزراء لم يتم اعتمادها بواسطة المجلس التشريعى المكون من مجلس الوزراء ومجلس السيادة لتصبح قانونا يمنع الخروج عليه.

4/ وذلك لأن مقترح الموازنة المقدم للإجازة لابد أن يرفق معه الموجهات العامة وخطة الدولة المالية خلال العام المالى المعنى والتى يتم فيها تحديد أولويات الصرف المالى خلال العام 2023

وقد يكون هذا أحد أسباب تأخير إجازة الموازنة نسبة لعدم وضوح السياسة الإقتصادية وثباتها إضافة إلى تنازع الأطراف المكونة للحكومة الحالية فى تخصيص بنود الصرف وأولوياتها
ويقدم مع مقترح الموازنة دائما حجم الإيرادات والبنود التى يتم الإعتماد عليها فى التحصيل مصحوبة بالقوانين اللازمة التى تمكن الضرائب والجمارك من القيام بدورها

وهنا أيضا يكمن الخلاف بين أجهزة الدولة الغير منسجمة ولا متفقة على الرؤية الإقتصادية للدولة
خاصة وأن وزارة المالية قد تقدمت خلال العامين الماضيين بزيادة كبيرة فى الضرائب ورسوم الجمارك وفى هذه الموازنة تقدمت الوزارة بزيادة كبيرة فى رسوم خدمات الأوراق الثبوتية وتراخيص العربات وبعض الخدمات الأخرى

وقد يكون ذلك أحد الأسباب التى أدت إلى امتناع بعض مكونات الحكومة الإنتقالية القائمة الآن عن إجازة الموازنة

وأخيرا: فإن الضرر حتما سيقع على الإقتصاد السودانى وعلى أهل السودان
خاصة وأن جميع المراقبين اتفقوا أن الأداء فى الملف الإقتصادى لدولة السودان خلال هذه السنوات المذكورة تركز بصورة

أساسية فى الصرف على تسير دولاب العمل بالدولة وصرف المرتبات (صرف غير تنموى) وغاب تماما التخطيط الإستراتيحي والرؤية الإقتصادية وانعدم الصرف على الخدمات الأساسية ومشروعات التنمية والبنى التحتية (الصرف التنموى)
مما ينذر بخطر كبير فى إدارة الملف الإقتصادى بالدولة مستقبلا.

الأمين العام الأسبق لديوان الضرائب
خبير اقتصادي ومالي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى