الأخبارالعالمية

أحد أسوأ أنواع البكتيريا ضررا في العالم قد يخفي تأثيرا علاجيا مذهلا

طارق قابيل

أحد أسوأ أنواع البكتيريا ضررا في العالم قد يخفي تأثيرا علاجيا مذهلا

إذا تمكّنا من تحديد كيفية نمو البكتيريا في الكبد كعضو وظيفي دون التسبب في آثار ضارة على الحيوانات الحية، فقد نتمكن من ترجمة هذه المعرفة لتطوير تدخلات علاجية أكثر أمنا.

يعدّ الجذام أحد أقدم الأمراض في العالم وأكثرها استمرارا، ولكن البكتيريا المسببة له قد يكون لها أيضا قدرة مفاجئة على النمو وتجديد عضو حيوي، حيث اكتشف الباحثون مؤخرا أن مرض الجذام لديه القدرة على تجديد كبد الثدييات، وقد نُشر هذا البحث في دورية “سل ريبورتس ميديسن” (Cell Reports Medicine) في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

كما وجد الباحثون أن الطفيليات المرتبطة بالجذام يمكنها إعادة برمجة الخلايا لزيادة حجم الكبد في الحيوانات البالغة دون التسبب في تلف أو تندب أو أورام، وقد يمنحنا فهم كيفية تجديد الطفيليات لأنسجة الكبد يوما ما القدرة على ترجمة هذه المعرفة لتطوير تدخلات علاجية أكثر أمانا، لتجديد شباب الكبد المتقدم في السن وتجديد الأنسجة التالفة.

الجذام مرض مزمن ومعد تسببه المتفطرة الجذامية، وهي بكتيريا عصوية الشكل (شترستوك)

مرض الجذام

الجذام مرض قديم، ورد وصفه في كتابات الحضارات القديمة. وعلى مرّ التاريخ، كثر تعرض من ابتُلوا به للنبذ من مجتمعاتهم وأسرهم، وتقول منظمة الصحة العالمية في وصفه إن “الجذام مرض مزمن ومعد تسببه المتفطرة الجذامية (Mycobacterium leprae)، وهي بكتيريا عصوية الشكل مقاومة للأحماض تعيش داخل الخلايا”.

ويؤثر المرض أساسا على الجلد، والأعصاب المحيطية، والغشاء المخاطي للجهاز التنفسي العلوي، والعينين، وتتلف هذه الميكروبات الجلد والأعصاب والأنسجة الأخرى أثناء الإصابة.

وعلى عكس الوصمة التي تحيط به، فإن الجذام ليس شديد العدوى، وينتشر من خلال الاتصال المتكرر والمفرط مع مخاط المصاب. ومع ذلك، فإن 95% من الذين تعرضوا للبكتيريا لا ينتهي بهم الأمر بالإصابة بالمرض، كما يمكن الشفاء منه وعلاجه بمزيج من الأدوية الحديثة.

وتؤدي أمراض الكبد حاليا إلى وفاة مليوني شخص سنويا في جميع أنحاء العالم، ويخضع الملايين من الأشخاص للعلاج من أمراض الكبد المزمنة كل عام.

توجد البكتيريا بشكل طبيعي في حيوان المدرع الثماني الحزم وهو من الثدييات (شترستوك)

ترجمة المعرفة لتطوير علاج

توجد البكتيريا بشكل طبيعي في حيوان المدرع الثماني الحزم (Dasypus novemcinctus)، وهو نوع من الثدييات غليظ القدم، متوسط الحجم، يوجد في أميركا الشمالية. وفي دراسة التفاعل بين الميكروب ومضيفه، لاحظ الباحثون أن الطفيل لديه قدرة غير متوقعة على اختطاف الخلايا وإعادة برمجتها.

لذلك أصاب صامويل هيس الباحث الطبي في جامعة أدنبره وزملاؤه 45 مدرعا بجرثومة المتفطرة، فقاوم 13 منها العدوى، ثم قارنوا الكبد المصاب بمجموعة من 12 حيوانا غير مصاب. وبشكل مثير للدهشة، نمت الحيوانات وظلت الأعضاء طبيعية وظيفيا، مع وجود جميع الأنواع الصحيحة من أنسجة الكبد في جميع الأماكن الصحيحة، بما في ذلك أنظمة الدم والقناة الصفراوية.

تقول أنورا رامبوكانا عالمة بيولوجيا الخلية في جامعة أدنبره -في بيان صحفي للجامعة- “إذا تمكنا من تحديد كيفية نمو البكتيريا في الكبد كعضو وظيفي دون التسبب في آثار ضارة على الحيوانات الحية، فقد نتمكن من ترجمة هذه المعرفة لتطوير تدخلات علاجية أكثر أمانا، لتجديد شباب الكبد المتقدم في السن وتجديد الأنسجة التالفة”.

الكبد من شترستوك
يبدو أن المتفطرة الجذامية تعيد برمجة خلايا الكبد البالغة (شترستوك)

إعادة برمجة و”تجديد شباب” الخلايا

وفي حين أن التفاصيل غير واضحة، يبدو أن المتفطرة الجذامية تعيد برمجة خلايا الكبد البالغة، وتعيدها إلى المرحلة السابقة عن طريق تحويلها إلى حالة تشبه الخلايا الجذعية، والتي بدورها نمت أنسجة كبد جديدة.

ويعتقد الفريق البحثي أن البكتيريا “اختطفت” القدرة التجديدية الكامنة للكبد على زيادة حجم العضو، وبالتالي تزويده بمزيد من الخلايا. واكتشفوا أيضا عدة مؤشرات على أن الأنواع الرئيسية لخلايا الكبد قد وصلت إلى حالة “تجديد شباب” في المدرع المصاب، وتم تنشيط الجينات المتعلقة بعملية التمثيل الغذائي والنمو وتكاثر الخلايا، وتم تقليل أو قمع تلك المرتبطة بالشيخوخة.

واحتوى كبد المدرع المصاب أيضا على أنماط التعبير الجيني (مخطط بناء خلية) مماثلة لتلك الموجودة في الحيوانات الأصغر سنا وأكباد الأجنة البشرية، وظهر أن الكبد يتمتع بصحة جيدة مع عدم وجود علامات على التندب أو الشيخوخة أو التليف أو الورم.

صورة من بيكسابي عن الكبد
تشير النتائج إلى إمكانية تكييف هذه العملية الطبيعية لتجديد كبد الشيخوخة وزيادة فترة الصحة (بيكسابي)

تجديد الكبد وزيادة فترة الصحة

وقد خلص الفريق في ورقتهم البحثية إلى أنه “على الرغم من أنه غير متوقع وغير تقليدي، فإن هذا النموذج المطوّر في داخل الجسم الحي قد يعزز فهمنا للآلية التجديدية الأصلية”.

وتشير النتائج إلى إمكانية تكييف هذه العملية الطبيعية لتجديد كبد الشيخوخة وزيادة فترة الصحة -طول فترة العيش الخالية من الأمراض- في البشر. ويقول الخبراء إنه يمكن أن يساعد أيضا في إعادة نمو الكبد التالفة، وبالتالي تقليل الحاجة إلى الزرع، والذي يعد حاليا الخيار العلاجي الوحيد للعديد من المصابين حول العالم.

ويأمل الفريق أن يكون للاكتشاف الجديد القدرة على المساعدة في تطوير تدخلات للشيخوخة وتلف الكبد لدى البشر، ولهذا فقد يمنحنا فهم كيفية تجديد طفيليات الجذام أنسجة الكبد يوما ما القدرة على تسخير هذه القدرة العجيبة للبكتيريا المسببة لمرض الجذام أيضا.

المصدر : مواقع إلكترونية

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى