مقالات

يوسف عبدالمنان يكتب: ..حديث السبت..الهلالية مذبحة أدمت القلوب، وأبكت العيون

يوسف عبدالمنان يكتب: ..حديث السبت..الهلالية مذبحة أدمت القلوب، وأبكت العيون

 

 

هل أنقذت حكمة السلطان عثمان كبر حزب المؤتمر من الانشقاق؟؟

إسماعيل كتر وضمير حزب الأمة المسروق!!*

1️⃣
لوعاش الهادي آدم شاعر أغنية أغداً ألقاك لكوكب الشرق التي أبدع فيها، وسكب دمعته حزناً على دماء المعلمات في توريت، حينما قُتلنَّ على أيدي متمردي حركة أنانيا

الأولى، لو عاش الشاعر الأديب المرهف وشاهد ماحدث في مسقط رأسه، مدينة الهلالية، وكيف لقيت المروءة والشهامة والرجولة مصرعها، في حواف المدينة، التي سالت دماؤها لتروي قنوات مشروع الجزيرة، التي جف ماؤها، ذلك لما كتب أستاذ الهادي:

*توريت ياوكر الخديعة والدسائس والدم.*
*قد طال صمتك في الدجى، هل آن أن تتكلمي؟*
*الغابة مطرقة الغصن*
*في دجاكي المعتم،* *والصمت والليل الرهيب وخادعات الأنجم..*

ماذا يقول أستاذ الهادي آدم عن مرتع صباه، وفلوات رعيه بأغنامه، وقد ماتت الرجولة في مضاجع البيوت، وانكسرت السيوف، وليت خالد ابن الوليد سيف الله المسلول، يمنحنا سيفه، فكل سيوف السودان قد أصبحت خشباً. وقبر العقيد الشهيد أحمد شاع الدين في أطراف

تمبول، يرتجف في عليائه غضباً، على حسناوات يهلنٍَ التراب على الديس الذي يغطي الأكتاف، ورجال السودان ماتوا من زمانٍ بعيد، ولم تبق إلا الأشباح والصور، ومات النثر والشعر !! ولا أحد يصغي الي تباهي كاذباً:

(نحن أهل المكارم) أين هي المكارم وبنادق المليشيا تحصد أرواح خمسة وأربعين من النساء والرجال والشباب، يجمعهم جد واحد من أشرف شرفاء السودان، اسمه المشرف، قتلوهم كالشياه، ونحن نتحدث عن كرري وعن رجال كالاسود الضارية. لقد ركنا الي بيوتنا ورضينا

بشهوات البطن والفرج، نعم للأسف جبنا ودسينا رؤوسنا بين أفخاذنا، خوفاً من الموت، وتركنا حرائر السودان ياخذهنَّ الأوباش سبايا وتنتهك عروضهنَّ، وتستباح الدماء، ونحن نقرأ أرقام ضحايا التطهير العرقي، في الجزيرة، إذ حصد الرصاص مائتين وأربع وثلاثين نفساً،

حصدها الرصاص الأبكم. ولا ثأر لأهل الهلالية، فما ثارت شندي ألمك نمر !! ولا ناحت الأبيض على قائد فرقتها الخامسة اللواء الخير عبدالجليل المشرف، الذي حينما كان ضابطا برتبة ملازم قتل وليم دينق وزير خارجية

أكتوبر، حينما رأي في الوزير بذرة تمرد، وهوي انفصال، ولو كان الخير الفهيم في صباه لقاد تحرير الهلالية والسريحة وود راوره، ولكن الجزيرة تبكي لوحدها، وتحترق كبدها لوحدها، وتموت حسرة لوحدها، وإنما يسترد الهلاليه أبناؤها.

2️⃣
وكما يقول سيف الدين الدسوقي في منبر مربد النصر ببغداد:
إنما يستردالبلاد الرجال الأسود .. لا الرجال النياق)
وما الهلالية إلا أرض شعب كريم الأصل، والأخلاق، والهلالية ليست حارة أو زقاق. وبكاء الهلالية المر يمزق

نياط القلوب. فكيف حدث أن شعباً كاملاً من أرض الخير، يُساق إلى مزابح الموت، ودفاتر التاريخ لن تحفل الا بالشجعان والرجال الأسود.

بات الطعام ماسخا والماء مراً والقهوة بلا زنجبيل، والشاي بلا سكر، والحياة بلا معني، والهلالية مجروحة القلب والفؤاد، وقصص وتراجيديا تبثها وسائل الإعلام الحديثة على لسان نساء مقهورات، ورجال تواروا خجلاً من

ضعفهم، وهوانهم على أنفسهم. وسيدة ثلاثنيه تروي بدمع من الدم، كيف دخل بيتها اوباش المليشيا، وأشرعوا البنادق طالبين للمال والذهب، وعندما لم يجدوه، أرادوا انتهاك شرفها، فما كانت من الشريفية بنت المشرف الا أن

احتضنت صغارها، وقالت بصوت مرتفع اشهد انا لا إله إلا الله، وأطلق الجنجويدي رصاص الديمقراطية، فلم تصيبها رصاصة !! فخرج وتركها خائفا مذعوراً، وقصص أخرى لا تجدها حتى في كليلة ودمنه، ولا تجدها في عجائب الأمصار وغرائب الأسفار ..

3️⃣
بعد أن وضع شيوخ المؤتمر الوطني حزبهم على حافة الانقسام، وإعادة إنتاج الرابع من رمضان آخر، أفلحت جهود المخلصين من منسوبي التيار الوطني الإسلامي في تأجيل انعقاد مجلس شورى المؤتمر الوطني، إلى أجل غير مسمى، كما أعلن ذلك رئيس مجلس الشورى بالإنابة

دكتور عثمان محمد يوسف كبر، في غياب الرئيس كبشور كوكو قمبيل، الذي فر إلى يوغندا، بينما فر أقرانه من قادة الحزب إلى تركيا، وانضم بعضهم إلى قتلة الدعامة والسفاحين، واتبعوا هوى أنفسهم والشيطان عصبيةً قبيلةً

طغت عند حسبو محمد عبدالرحمن علي الفكرة والعقيدة والثقافة، وكانت الخيانة من آخرين، *بينما أغلبية الشباب تحمل السلاح في وجه التمرد، ليبقى الوطن محرراً وشامخاً. إنهم شباب مثل زهور الخريف، وعطور باريس، فهم أمام التمرد أشد من الوحوش شراسةً، وفي سوح اللقاء أشد من الأسود شجاعةً،*

ولكن شيوخ المؤتمر الوطني – لولا حنكة وحكمة السلطان عثمان كبر مساء الاربع وليلة الخميس – لساروا في طريق الفرقة والشتات، ولأصبح المؤتمر الوطني اليوم السبت حزبين !! حزب يقوده ابراهيم محمود وآخر يقوده أحمد هارون.

4️⃣
ومن حول الرجلين شيوخ في خريف العمر، بعضهم يباهي ببطولته في ثورة شعبان عام 73 من القرن الماضي، وبعضهم تقلب في المناصب والمواقع وإمانات الحزب ثلاثين عاماً، هي عمر رئيس وزراء دولة بحجم بريطانيا، من أصول أسيوية، وبعض قادة المؤتمر الوطني

المتصارعين الآن من قادة معارضة الرئيس الراحل جعفر نميري، ومن قاد معارضة عهد الإمام الصادق المهدي، ويتطلع لقيادة المعارضة الآن، ويحلم بوزارة بعد عشرة سنوات، ربما تأتي وربما لاتأتي، و قد سار قطار العمر، فمن ينبه الغافل؟

يرفض شيوخ المؤتمر الوطني التجديد والاعتراف بالواقع الراهن، وحتى الرئيس السابق عمر البشير، يتطلع لدور في الحياة السياسية بعد أن ساد الساحة وحده ثلاثين عاماً !! وشباب الوطني العريض آثر الفرجة على مباريات ( الصنداي) وهي مباريات العجزة وكبار السن. فمتي ينهض

شباب هذا التيار الجارف ويزيح من طريقه كل الأجهزة والهياكل التي كانت جاثمة على أنفاس التيار الإسلامي، حتى سقطت الإنقاذ من خلال انقلاب، باركه البشير نفسه وشجع عليه، حتى وهو حاكم، في خطابه الشهير في عطبره حينما قال إنه يرحب بأي تغيير تقوده القوات

المسلحة، لأنها حفيظة ومؤتمنة على السودان، وكان قادة حزب المؤتمر الوطني المتصارعين الآن، ينظر بعضهم لبعض نظرة المغشي عليه من الموت، ولا يجرؤ بكلمة حق في وجه الرئيس، الا دكتور امين حسن عمر وقلة على

أصابع اليد. والحق يقال أن أهل الحكمة والوعي والفهم أدركوا خطورة المرحلة، ومن قبل هذه الضحة، انخرطوا في معركة الكرامة، تيار وطني عريض مدافعين عن التراب، ويحبسهم في الميدان جهاد الصائل عن رمي

البندقية، والتوجه لعطبره لانتخاب رئيس لحزب في وطن مهدد في وجوده، وطن اجتاحته المليشيا المتنردة فلم تبق من ولاياته إلا القضارف وكسلا والبحر الأحمر والشمالية، لم يطأ أرضها الجنجويد، فما قيمة المناصب في بلد قد لا نجده إذا لم يرفع الشباب سلاحهم في وجه البغاة المحاربين.

5️⃣
كل شي يجب تأجيله الي ما بعد تحرير الوطن، ويومها لاوجود لديناصورات الوطني، ويخرج في أرض السودان ومن عمق التيار الوطني ومن صلبه قيادةٌ جديدةٌ دون الخمسين من العمر، مثل ابي احمد الذي قاد إثيوبيا التي يبلغ عدد سكانها 110 مليون نسمة وهو في عمر ال43

 

فقط. ومثل رئيس وزراء النرويج بعمر 39 سنه، ومثل زعيم حزب الشعب في ارزبيحان بعمر 45 عاما. *وقيادة الحزب الجديد وجماهيره تقرر في هياكله، وأجهزته، وبرنامجه للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي. *وقيادة حزب التيار الإسلامي الوطني الجديد، يجب أن

لا يكون من بينها من تم اتهامه أو التشكيك في ذمته الماليه، ولا من عليه حظر وقيود سفر وترحال، ولا تتقيد جماهير وقيادة الحزب الجديد باسم قديم، وتعبد الأصنام. ولكنها تتحرر من الماضي وتجعله عبرةً، وتستمد

خطي الطريق، ودرب الانتصار، والماضي لايعود.* وشيوخ المؤتمر الوطني المتصارعين الآن على رماد الوطن، يتحملون مسؤلية ما آلت إليه حالة البلاد، من التفريط والتشبث بالكراسي، حتي أكلتها دابة الأرض، وسقطت في مهب الريح.

6️⃣
اثار استقبال الفريق مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الأسبوع الماضي للقيادي في حزب الأمة المحامي إسماعيل كتر غضباً عارماً وسط جنجويد حزب الأمة وقيادته المتماهية مع المليشيا وتحالف تقدم، والتي تتحمل مع الجنجويد كل مافعلوه بالوطن وما اقترفوه من

آثام. وإسماعيل كتر القيادي الذي نشهد له بصلابة المواقف وجسارة المعارضة وقيادتها في وجه السلطان عثمان كبر، حينما كان فضل الله برمة ناصر تصله أكياس المال السوداء من خزائن الإنقاذ، ولكن إسماعيل كتر كان في الفاشر يقف مع جماهير حزب الأمة لا يهاب أجهزة

الأمن ولا يخاف الاعتقال، ولا التضييق عليه في رزقه، وكثيرا من قادة حزب الأمة يرفلون في نعيم الإنقاذ الزائل، وبعد اندلاع الحرب واتخاذ حزب الأمة موقفاً داعماً لمليشيات الجنجويد، رفض كتر وضع يده في يد من قتل أهله من قواعد حزبه في سرف عمرة، وجبل

سي، وعوين جرو، ومذبد وعين سيرو، وأم برو، ودونكي البعاشيم، ومن تلطخت أياديهم بدماء الفور في دليج وشطايه. فكيف لرجل مثله يمضي مثل قطيع الماعز وراء تيس الحلة، ويبيع شرف الأنصارية بمال الإمارات، وجاء أنصاف الأمير كتر من نائب رئيس الحزب الفريق صديق

محمد إسماعيل، وبرأه من تهم صاغها ومشى بها قطيع فضل الله برمة، وهم يعتبرون لقاء مالك عقار عاراً، ينبغي على إسماعيل كتر غسل يديه بالتراب، وهؤلاء لايعلمون تاريخ مالك عقار السياسي وهو محارب قديم، حارب بشرف ونزاهة وأخلاق، فلم تغتصب قوات الحركة

الشعبية امرأة كما يفعل الجنجويد، ولم ينهبون مال مواطن مثلما تفعل المليشيات اليوم، ومالك عقار – إن رضي قادة حزب الأمة أو رفضوا – تاريخه في النضال أكثر اشراقاً من كل هؤلاء المتنطعين على الرجل، كما تنطعوا على إسماعيل كتر الذي يسعى لإصلاح ماافسده

فضل الله برمة، وإعادة حزب الأمة لماضيه حينما كان ثوبا يجمع الزغاوي والرزيقي والحمري والمسيري والدنقلاوي والهدندوي، ولكن مجموعة فضل الله برمة تريد تجيير كل تاريخ الحزب ورصيده السياسي لما يسمى

بدولة العطاوة، التي تعشعش في أحلام الجنجويد، ولكن تيار الوعي والمستقبل في حزب الأمة يضم صديق محمد إسماعيل ومهدي والي جنوب دارفور السابق، وكثير من الرجال الرافضين طريق المليشيا والمقاومين اختطاف الحزب لصالح حميدتي.

يوسف عبدالمنان..
16 نوفمبر 2024م

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى