
وزارة الخزانة الأمريكية.. قرارات جزافية ونتائج صفرية
لا يطعن في الجيش السوداني وقائده في هذا التوقيت إلا مغرض يريد إزكاء نار الحرب
ليست هنالك أدِّلة ملموسة على الاتهامات التي وجهت للسيد رئيس مجلس السيادة فهي محض افتراءات
كرري: نزار حسين
لم تكن وزارة الخزانة الأمريكية على مر تاريخها مصدراً لتقييم الرأي العام العالمي في قضية ما، فقد ظلت تلك القرارات التي تصدر عنها مشوبة بالشبهات في مقاصدها حيث كانت مرتبطة دوماً بملابسات لقضايا خاصة بدول أخرى غالباً تمر بأحداث وحروب في غالبها شؤون داخلية لها تعقيدات لا يستطيع تقييمها إلا المجتمع الداخلي لهذه الدول من شعوب
وحكومات، وظلت قائمة هذه الخزانة تتمدد بامتداد المشاكل والحروب التي تعتري دول العالم من حين لآخر، لتراقب أحداثها من بعيد دون تقديم فعل إيجابي ملموس في حل قضايا هذه الدول، تماماً كما يحدث في اجتماعات مجلس الأمم المتحدة التي تنتهي بالخروج بقرارات غالبها يحمله الهواء الذي تُبث هذه الجلسات عبره إلى اللاشئ..!
لتصل مرحلة ما في الحروب المتشابهة، غالباً، في ملابساتها والمتحدة أغلبها في أنها صراعات داخلية تتحول إلى حروب يُدعم فيها أحد الأطراف من جهات خارجية تُسهم في إطالة أمد الصراعات، ثم تظل نهاية هذه السيناريوهات المتكررة التي حدثت في كثير من دول العالم هي اتخاذ قرار بالإدانة وفرض العقوبات، وهو قرار لا يؤدي إلى حلول إيجابية في تلك الصراعات إن لم يزد الأوضاع تعقيداً..!
ففي قائمة الخزانة الأمريكية الكثير من الأسماء من دول العالم رؤساء ووزراء وعسكريون ورجال أعمال، من مختلف قارات العالم، كل قراراتها بالادانة لهم لم تحقق شيئاً إيجابياً، كل الذي حدث في تلك القضايا هو مجرد بلبلة إعلامية ومادة تتناولها الصحف السيارة ووكالات الأنباء وحديث الساسة والصحافيين، ثم لا يحدث أي شئ يرقى للذكر.
إدانة رئيس مجلس السيادة
قرار وزارة االخزانة الأمريكية الذي صدر بحق رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الذي أصدرته بتاريخ16/1/2025 متهمة إياه بارتكاب هجمات مميتة بحق المدنيين، وشن غارات جوية على المدارس والأسواق والمستشفيات، وتعمد عدم وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، واستخدام الغذاء سلاحاً في الحرب، هذه التهم التي تُظهِر بوضوح غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن الوعي السياسي في التعامل مع القضايا الدولية
الحساسة، هذا بالطبع إن كانت تستهدف الحلول الإيجابية لهذه القضايا، وهي التي تفرض نفسها وصياً على العالم دون أن يطلب منها هذا العالم هذه الوصاية غير العادلة، هذا القرار يمثل أضحوكة لأبعد راعٍ يسرح في خلاء صحارى السودان الممتدة، حين يقارن هذا القرار وما جاء فيه بما يراه بأم عينه ويسمعه من أهله
وأقاربه الذين ينزحون كل يوم من قرية إلى أخرى، وبما يعرفه القاصي والداني مما تقوم به مليشيا الدعم السريع في حق هذا الشعب المكلوم الذي لا ذنب له سوى أنه وجد على هذه الأرض الغنية التي لم ينعم
بخيراتها بسبب الفتن والحروب التي تُدبّر خارج حدود بلاده، فلو كانت أمريكا بحجمها الذي فُرِض على العالم بحكم قانون القوة، وأرادت العدل حقاً، لعرفت أن البرهان وجيشه بذلوا كل الممكن من أجل أن ينعم هذا الشعب بالأمان وأن يظل في قراه ومدنه ومزارعه وأن يصله الدواء والغذاء حيث حل، وأن هذا القائد
وضباطه وجنوده بل ومستنفريه من أبناء الشعب الخلّص، هم محل فخر واحتفاء من كل مواطني السودان وأن هذا الشعب يرفعهم على أكتافه كلما سنحت له الفرصة بفتح منطقة أو تطهير قرية أو دخول مدينة!
إن المقاطع التي تملأ الميديا عن حب هذا الشعب لهذا الجيش وقائده هي استفتاء عفوي وتلقائي يُخبر كل متابع للشأن السوداني أن الجيش هو المخلِّص الأوحد، بعد الله عز وجل، من لعنة هذه الحرب التي مقصدها الأول هو المواطن الذي تسعى لتهجيره وتشريده ونزوحه الذي يأتي بعده حسب ما خطط له وضع اليد،
قسراً وقهراً وعنوةً، على ثرواته التي تجري في مياهه العذبة المتدفقة بلا حدود وتحت أرضه الغنية بالمعادن النفيسة في باطنها أرضه خصبة الظاهر مستوية المدى، إنه استفتاء لا يحتاج إلى تكرار..!
هذا بالطبع إذا كانت أمريكا وأذيالها يريدون أن ينظروا بعين الحقيقة، لكن الواقع المعروف لذلك الراعي الذي لا يزال يستمتع بالراديو ويسترجع ذكرياته مع كلمات العطبراوي وعثمان حسين و(دكان ود البصير)، هذه
الأسماء والمعاني التي لا يفهمها في العالم سواه، الواقع يقول إن من يطعن في الجيش وقائده في هذا التوقيت مغرِض يريد إزكاء نار الحرب أو جاهل وضع في غير مكانه ليحكم بما لا يعلم.. وكلاهما ينطبقان من زاوية فلسفية ما..!
الكيل بلا مكاييل..!
ومن عجبٍ أن هذه الوزارة قد أصدرت من قبل ذات القرار في مواجهة قائد مليشيا الدعم السريع، ما يعني أن التخبط هو اللمحة البارزة في قرارات هذه الدولة العظمى وفقما أوصلها إليه قانون طبيعة الأشياء الذي يحكم عالمنا اليوم بل ومنذ أزل التاريخ بالقوة، فالقوة هي التي تحرك كل شئ في هذا العالم، أن تتخذ ذات
القرار تجاه قائد جيش دولة مكتملة الأركان تنسم منصبه تراتبياً وباختيار شعبه وتجاه قائد مليشيا تقاتله وتقتل شعبه، هذا في حد ذاته أمرٌ مثير للدهشة ومثار تشكيك في قدرات هذه الجهة التي تصدر هذه القرارات..!
ما قامت به مليشيا الدعم السريع هو الفعل السلبي الإجرامي السافر المتعدي الخارج عن القانون الطبيعي، البشري والإنساني والديني قبل الوضعي أو الدولي أو الذي تدعي أمريكا تنفيذه حتى، والذي يقوم به الجيش السوداني بقياداته المتمكنة الماهرة المؤهلة المتدربة المؤدية للقسم المقدس، هما ضدان في الاتجاه يفعل كل منهما بأخلاقه ومرجعيته ومقتضيات أهدافه.
الدعم السريع يستهدف – كمطية تستخدمها جهات خارجية متعددة- الفتَّ في عضد الدولة السودانية لجعلها مهترئة ضعيفة ليتمكن من امتصاص دمها لصالح تلك الجهات الخارجية، وهو في قيادته منقسم بين جهات ذات مصالح شخصية تتمثل في توفير وسائل الحياة الشخصية بالارتزاق عبر هذه القضية بالحصول على أموال طائلة عبر المنظمات والدول
التي تدفع بسخاء شديد، وهؤلاء هم الكتيبة الناعمة التي تقاتل بنشر الإعلام الكاذب والدفاع المستميت عبر الوسائط والقنوات الفضائية عن موقف الدعم السريع ودوره في تنفيذ الديمقراطية تلك الفزاعة التي يخدعون بها البسطاء من أتباعهم الذين لا يعرفون الفرق بين (البعرة والبعير) وهؤلاء من مصلحتهم أن تستمر الحرب لأنه بانتهائها وببساطة شديدة سوف
تتوقف مصادر عيشهم، وشق آخر وهو آل دقلو وأحلامهم بعيدة المنال في حكم السودان وبناء ملك لهم على ركام هذه الدولة، وشق ثالث وهو مرتزقة ينهبون البيوت والممتلكات وغالبهم مرضى نفسانيون يشبعون رغباتهم الحيوانية بهتك العروض واغتصاب الحرائر!!
فهل يستوي عقلاً أن تفرض ذات العقوبات على قائدين كهذين، نقيضان في كل شئ.! مهما كانت المبررات التي تعتمد عليها وزارة الخزانة الأمريكية؟! لكنه الكيل بغير مكاييل.!!
الأدلة..!
إذا سئلت وزارة خزانة الولايات المتحدة الأمريكية عن دلائلها الملموسة لاتهاماتها التي وجهتها للسيد رئيس مجلس السيادة فهي لن تملك أي إجابة، فلا يوجد أي دليل ملموس على هذه الاتهامات، هي مجرد ترشيحات مبنية على معلومات غالبها غير محقق فيه بصورة رسمية أو قانونية أو علمية، ولا يستطيع كائن من كان إذا كان متابعاً بحق لهذه الحرب أن ينكر سعي رئيس مجلس السيادة للحلول السلمية وإنهاء الحرب
بكل الحماس الممكن، فهو لم يرفض على الإطلاق أي دعوة للتفاوض في أي منبر وفتح الباب على مصراعيه للحوار، لكن شرطه الأساس الذي لم يكن يتعلق سوى بالمواطن وحقه، لم تلتزم به المليشيا، وهو الشرط المعروف بمغادرة الأعيان المدنية والمرافق الحكومية، باعتبارها ملكاً للشعب ولا دخل لها بهذه الحرب التي شنوها لأهداف بعيدة كان المواطن في حد ذاته جزءاً منها..!
لكن بالمقابل الأدلة التي تثبت حرص البرهان وجيشه على إنهاء الحرب ومصلحة المدنيين لا تحصى وعلى رأسها شهادة المواطن نفسه، لن تجد مدينة دخلها الجيش ولم تحتفل وتحتفي وتذبح (ما تبقى) من الذبائح- التي نهب جلها أفراد مليشيا الدعم السريع- ولن تستطلع أي فئة من الشعب لتسألها عن ما يجري إلا وكانت إجابتها أن الجيش هو الوطن وهو الأمان والأمل..!
وابحث إن شئت في أي بقعة من هذه الأرض عن شخص كان في مناطق الدعم السريع يحكي لك عن ما رآه من جحيم، فأنت في حماهم تتعرض لكل انتهاكات الدنيا الممكنة، درجة أنهم صاروا المثل فيها والنموذج، فالقتل هناك والاعتصاب والامتهان والجرح والذلة والاحتقار للشيخ والطفل والمرأة والاستهداف على العرق والمناطق..!
فالأدلة على جرمهم شهد بها كل العالم وهي تملأ الأسافير والذاكرة.. فقد وثقوا بأنفسهم لجرائمهم جهلاً وإمعانا في الخطيئة.!
الخزانة المثقوبة..!
القرار الذي أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية في حق رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، هو قرار ظالم لا يشك في ذلك أي (كاوبوي) في الريف الأمريكي يستمع إلى أخبار العالم الثالث بحياد.!
وهو قرار ليس بمعزل عن كل الظلم الذي تراقبه عيون الكواكب التي حولنا، باستغراب شديد، لعل فيها الآن مخلوقات يجري بينها حديث تحمل صداهُ المدار ات عن هذه الدول التي تتغذى من دماء هذا العالم، وعن كل الظلم الذي يجري مع عقارب ساعات الكرة
الأرضية الدامية بالحروب دون أن يدري أحد حتى متى ولماذا يفعل هذا العالم بهذه الشعوب التي لم تجنِ أي ذنب سوى أنها فقط تحلم بحياة أفضل في أرضها التي أورثها لها الله مالك الكون الذي تخضع كل هذه الأرض لمشيئته وحده رغماً عن أنف أمريكا وخزانتها المثقوبة..!