مقالات

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحى يكتب : كلمات في حضرت من اهوي..

مولانا الفاتح بشير الوسيلة الماحى يكتب : كلمات في حضرت من اهوي..

 

لم تعبث بي الاشواق بل استبدأت بي الاحزان، ولم احدق بلا وجه! بل بوجه كسته كل الاحزان، والليلة زول الفن وسلطان العود.. ما رجع البلد .. والعيون التي تغني لها لتهجد بعودة من تحب وتنام من السهر… الليلة اصبحت

تغطيها الدموع… بعد ان كان يواسيها ويقول لها : انتي ماشبه الدموع..
كيف ذاك لايكون ولا تسخننا الدموع، ومحمد الأمين، وود اللمين، والباشكاتب، وابواللمين، كما يحلو لجمهوره ان يسموه، يمتضي زورق ويمضي به الي الخضم العريض،

ويودع زورق الألحان بما عليه كتابة من حياة انسان، ملأ الآفاق طرباً وغناءً وفن وابداع والحان واشجان، من يوم ان نبتت بذرة الفن في نفسه، ونمت في ارض الجزيرة الخضراء، في ربوع ود مدني وعند قبة الشيخ ودمدني،

فارتوت بنضرة حقولها وزهراتها اليوانع، فعتًقت جمال هذه النفس، فانعكس ذلك علي مساحات صوته، فانداحت تسافر عبر المدي… وعبر الأثير سحرية الاشجان،.

ماصادفت أذن الا تملكتها بروعتها، ولم يكتف بهذا الصوت العبقري.. فحمل عوده.. وبرع في دوزنة اغنياته، فسكب فيها من روحه المترعة بالجمال، فجاءت الحانه لها بريق ولون وطعم ورائحة

تغوص في الأعماق لتدمغها بالحانها وتزدان بالوانها وتتذوق طعمها وتشتم عبيرها واريجها وشذاها، فترسخ هكذا علامة تجارية لا ينازعها شئ تظل محتكرة الدواخل ومتحكمة في فيض المشاعر، وتحرك مكامن الحنين

فما ان تطرق نقرشات العود اذنك حتي يتداعي كل هذا المحفل المتحلق بالاغنية واللحن، فيحبسك فيه كأنه كبسولة الزمن تخترق بك الزمن لتعيش ذات الاشجان التي اتتك عند استماعك لها اول مرة..

نعم انغام ود الأمين هي التي تستطيع ان تعبر بك الزمن وان تعيدك مزهواً بعاطفة مكلله بالنشوة والانبهار..
ولأن ود الأمين كذلك حبسنا.

في محطته هو، منذ ان كان نتسابق في الترجيح بين الفنانين في ساحة كانت علي ايامه مزدانة بقامات فنية كل واحد فيها حجز لنفسه موقع ناصية ويبهر ببضاعة الرواد الزوار، نطوف بينهم ونقطف من كل منهم زهرة،

لكنا نظل ثابتين في محطة ود اللمين، نتعلم من الايام.. ونعرف كيف يكون الريد، وإن الحب له ظروف، ونستجد لحظات فراق من نحب ومن نتعلق بهم، ونخشي بعادهم بقلنا ماممكن تسافر، وكم كانت تستوقفنا وحياة

ابتسامتك ياحبيبى وحياة عينك.. قلبي حاذرك ومن زمان سائل عليك… وود الأمين وهو يؤديها رسام يحرك ريشته ببراعة مدهشه ويصور لك كل مايختزله الخيال فيما

تحب وتعشق، ود الأمين يحكي عن همسة الشوق، وكيف إن النوار يذدهر بهجة بمقدم من يفرحنا حضور، ولا ينسي أن يلتقط صورة اثيرة لمحب تعلقت عيناه بالشباك ليحجز له مكانا بين القلوب التي تهواه في تود رحمة لقلبه، وياله

من مبدع وهو يمجّد اللون الأسمر ويخص به جميل فتان، ويمجّد الله لابداعه في تصويره، سبحان المصور روح مترعه بالتصوف، ولم يتركنا ود الأمين للتقاذفنا امواج السياسة وتغلباتها، فاطلق حنجرته الماسية، ليغني بها

مزامير ليبشر بها انطلاقة الثورة الثورة انطلقت، والاكتوبريات.. وود الأمين لم يحكتر الغناء للعواطف والسياسة بل طاف علي دوحة التراث فاخذ منها مناحات اعاد لها البريق والحياة بعد ان كاد يطويها النسيان..

ان في حضرة ود الأمين وهو علي زورق الوداع تتداعي الاشياء وتزدحم الرؤي والمواقف والاشجان، سنوات عاشها بيننا، جعلت منه مدرسة مفتوحة الابواب، تحكي فصولها عن تأريخ شامخ لرجل باذخ اثري وجدان اهل

السودان، ملتزمة بمنهج الاجادة والزوق الرفيع في اختيار الكلمان، والمثابرة علي تزيّنها برائع الالحان، حتي غدا رائدها موسيقياً محترف.. ماقدم الا وسبق تقديمه وصف الموسيقار، لا يقف امامها سلم موسيقي الا وانحني لها

اجلالاً واحتراماً، ستبقي هذه المدرسة مشرعة الابواب، تذدهي بميراث لاينقطع ، وستكون فصل مهم في تأريخ الفن والغناء الحديث في السودان..

رحم الله الفنان محمد الأمين حمد النيل، واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، والعزاء لاسرته الصغيرة ولكل اهل السودان
وانا لله وانا اليه راجعون..

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى