مدير عام التعليم بولاية كسلا : هنالك محاولات جادة لفتح المدارس مع مساعي لإيجاد معالجات للوافدين بمراكز الإيواء
التعليم بولاية كسلا ضارب في جذور التاريخ وتطور بخطوات متسارعة.
*> التعليم بالريف يحتاج لتضافر الجهود وهذه أهم صعوباته وعقباته.*
*> هنالك محاولات جادة لفتح المدارس مع مساعي لإيجاد معالجات للوافدين بمراكز الإيواء.*
*> أتشرف برعاية المبادرة الخاصة بإقامة كورس تقوية أكاديمي ومنشطي للطلاب والطالبات الوافدين وأعدها خلوقة وأناشد كافة الجهات ليكونوا خير معين لإنجاحها.*
حاوره : يس إبراهيم الترابي
ولاية كسلا ذات خصوصية عند مواطني عموم السودان يعشقونها ويجلونها ويعلون من شأنها، لطبيعتها الساحرة وشعبها المسالم وعراقة تاريخها الحافل بالجوانب الوطنية إذ تشرق الشمس منها باعثة الآمال العراض لبقية ولايات ومدن السودان، وكسلا الوريفة نظم فيها الشعراء قصائدهم التي تغنى بها الفنانون حق لنا أن نفتخر بأهلها
الطيبين الذين يحملون إخضرارا في دواخلهم تماما مثل الخضرة التي تكسو بيئتها ، فالجمال والبهاء في كسلا ، ولذلك كانت محط الزوار منذ قديم الزمان.
ونسبة للتداعيات التي ظلت تحكم التعليم والمجالات الأخرى وما تأثرت به الولاية من عوامل النزوح بعد سقوط ود مدني حملت أوراقي وجلست إلي السيد مدير عام التعليم بولاية كسلا لنسبر غور التعليم بالولاية ولأحصل منه على تصريحات وإفادات تطمئن مواطني
الولاية على اهتمامهم بأمر التعليم التي ستنطلق عجلات دورانه قريبا بعد العديد من الاجتماعات واللقاءات التي تم التفاكر حولها بضرورة فتح المدارس حتى لا تتضرر الأجيال وتتداخل المسؤوليات.
وجدت الرجل موسوعة في تاريخ وإرث كسلا وذو ثقافة ذاتية طيبة، فخرجت منه وأنا أكن له حفاوة الاستقبال وصراحة الحديث وسعة صدره وإخلاصه لمهنته وحبه لزملائهم واحترامه لهم وسعيهم الدؤوب لخلق جوانب
الاستقرار لهم، فهو مهموم بكل جوانب التعليم ومؤهل لإيجاد معالجات لها بما يحمله من مقدرات وكفاءات وخبرات وتجارب، فإلى إفاداته وإجاباته:
*١- نبذة تعريفية مختصرة عن شخصيتك؟*
الاسم: ماهر حسين محمد علي
الميلاد: كسلا ٢٩٦٢م حيث نشأت وترعرعت بها وعشقت ترابها وأحببت أهلها.
درست بمدرسة الميرغنية الغربية الابتدائية ثم مدرسة كسلا الأهلية المتوسطة، بعدها انتقلت لمدرسة كسلا الثانوية بنين، ومن بعد التحقت بكلية الآداب – قسم التاريخ- بجامعة القاهرة فرع الخرطوم.
*٢- متى تم تعيينك معلما وماهي أول مدرسة عملت بها؟*
تم تعييني معلما في العام ١٩٨٣م بالمرحلة المتوسطة، ومن محاسن الصدف أن تكون أول مدرسة أعمل بها هي مدرسة كسلا الأهلية المتوسطة وهي نفس المدرسة التي درست بها ، ثم تحولت بعد ذلك للمرحلة الثانوية في العام ١٩٨٧م وأول مدرسة عملت بها هي القضارف الثانوية.
*٣- ماهي المناصب الإدارية التي تقلدتها؟*
المناصب الإدارية التي تقلدتها هي:
= وكيل مدرسة العامرية الثانوية بنات في العام ١٩٩٥م.
= مدير مدرسة مكرام الثانوية بنين في العام ١٩٩٩م.
= مدير مدرسة الهدى النموذجية بنين في العام ٢٠٠٨م
= انتقلت بعد ذلك للتوجيه الفني موجها لمادة التاريخ على مستوى ولاية كسلا في العام ٢٠٠٩.
= مدير مدرسة الشهيد محمد عبدالله خلف الله في العام ٢٠١٢م.
= مدير مدرسة الاعتصام الثانوية النموذجية في العام ٢٠١٥م.
=مدير إدارة التعليم الثانوي بمحلية كسلا في العام ٢٠١٦م.
=مدير عام التعليم بولاية كسلا منذ العام ٢٠٢٢م.
*٤-التعليم بولاية كسلا ضارب في الجذور ، حدثنا عن بداياته ومراحل تطوره؟*
حقيقة التعليم بولاية كسلا قديم منذ الاستعمار إذ وجدت مدارس عديدة مثل الأميرية والأهلية داخل مدينة كسلا، ثم انتشر التعليم والأهلي والحكومي بعد الاستقلال بصورة كبيرة جدا، وأنشئت مدارس في مناطق مختلفة وكانت في ازدياد مضطرد، وكذا في الريف القريب من كسلا به مدارس ابتدائية وثانوية.
ويلاحظ أن التعليم سابقا في عهود قديمة كان يغلب عليه الطابع الأهلي والشعبي، فقد كان للمجتمع في ذلك الوقت دور كبير في تأسيس المدارس وكذا الخيرين والرأسماليين، فكان لجهود المواطنين الأثر البالغ في هذا الصدد ببناء المدارس مثل مدارس الاتحاد بنات
والميرغنية بنات التي أقيمت بتضافر جهود شعبية، وكذا في الريف كان لأهاليها دورا ملموسا في بناء وتأسيس المدارس مثل مناطق وقر في القاش(شمال كسلا) وأروما وشريفي، فقد اهتموا يالتعليم منذ قديم الزمان.
*٥- التعليم في الريف يحتاج لتضافر جهود، ماهي أهم العقبات التي تعترض مسيرته؟*
صحيح التعليم في الريف ينبغي أن يأخذ عناية خاصة واهتماما متعاظما، وهو فعلا يحتاج لتكامل الأدوار بين المجتمع والدولة وتضافر الجهود بين جميع المكونات ذات الصلة بالعملية التعليمية والتربوية، وتجدني متعاطفا مع أهلي في الريف في تعليم فلذات أكبادهم حتى يسهموا في تطوير مجتمعاتهم ومناطقهم.
وهنالك معوقات للتعليم في الريف الذي أنوه إلى أن مشاكله واضحة تتمثل في ثقافة المجتمع، فهناك مجتمعات غير متصالحة مع التعليم وتحتاج لتوعية، وهناك مجتمعات متجاوبة مع التعليم وتهتم به، فضلا عن أن التعليم في الريف طارد للمعلمين الذين لا يرغبون في التدريس في الريف، لأن العمل به يواجه بصعوبات جمة
نرجو أن تذلل، إضافة إلى ضعف المرتبات وعدم وجود حوافز في بعض الأرياف لفقرها، فالحكومات المتعاقبة لم تهتم بالتعليم في الريف، وعلى الرغم من إقرار (علاوة الريف) إلا أنها لم تنفذ بعد.
*٦- حدثنا عن عدد المدارس بولاية كسلا مقارنة مع ما كانت عليه سابقاً؟*
عدد المدارس بولاية كسلا قبل الإنقاذ لم يكن كبيرا، وكان الأمر بين المدارس الحكومية والأهلية، وبعد قيام ثورة التعليم تضاعفت أعداد المدارس في الحضر والريف حتى بلغ عددهم (٨٢٢) مدرسة أساس و(١٠٣) مدرسة ثانوية،
وقد استقطعنا من المرحلتين عدد (٦٢) مدرسة للمرحلة المتوسطة ، وهنالك مدارس مختلطة نتجت عن وجود مدرسة متوسطة داخل مدرسة ابتدائية دون وجود حاجز أو فاصل بينهما.
والآن بحمد الله تعالى توجد في كل منطقة مدرسة وهذا يشكل عبء كبير على الوزارة ، ومن هنا أناشد حكومة الولاية بتعيين معلمين وتوفير المعينات المطلوبة حتى يحدث الاستقرار في هذه المدارس لتؤدي رسالتها
المبتغاة منها، وكذلك نطالب بتكامل الأدوار بين المجتمع والدولة في دعم المدارس لأن ميزانية الحكومة في ظل هذه الأوضاع قد لا تفي بكل المتطلبات للتوسع الرأسي والأفقي للمدارس.
*٧-التعليم الخاص، متى انطلق، وماهي التحديات التي تواجهه؟*
كانت بداياته في التسعينات وكعادة البدايات التي تأتي متعثرة فلم يكن له تأثير كبير لأن الناس لم يألفوا مثل هذا النمط من التعليم ، ولم يصل لمرحلة أن يكون منافسا للتعليم الحكومي، وقد بدأت خطواته تتطور أفضل مما كان عليه ولكن ليس بالانتشار أو المفهوم الموجود بولاية الخرطوم.
*٨-أحد الطلاب جعل كسلا على كل لسان بإحرازه المركز الأول في الشهادة الثانوية، في أي عام كان ذلك وهل مثل دافع لكم؟*
لقد ازدهت ولاية كسلا كثيرا وانتشت بإجراز الطالب طه يعقوب المركز الأول في نتيجة امتحانات الشهادة الثانوية السودانية على مستوى السودان، وكان ذلك في العام ٢٠١١م، ويقال إن هنالك طالبا قد أحرز المركز الأول
أيضا من مدرسة كسلا الثانوية بنين، وقد مثل ذلك دافعا كبيرا لئن نعمل بجد واجتهاد، ولذلك لم تخرج ولاية كسلا من قائمة الشرف(المائة الأوائل) في نتيجة الشهادة الثانوية طيلة العهود والعقود السابقة.
*٩- الحرب أوقفت التعليم في السودان، حدثنا عن تأثير ذلك بولاية كسلا؟*
الحرب أوقفت التعليم بولاية كسلا بصورة عامة،؛وتأثيرها عليه كبيرا رغم أنها من الولايات الآمنة، ولكن الاهتمام الأمني بوجوب الاحتياطات قد طغى على جانب، وكافة ولايات السودان قد تعطل فيها التعليم من هذا الباب ،
وهنالك بعض الولايات قد وفقت وفتحت المدارس وبدأت عملية التدريس مؤخرا، فالسودان جسم واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى على أمل أن نعالج تبعاتها وآثارها في بعض أجزائه قبل أن يعم ذلك بقية الأجزاء الأخرى بإذن الله تعالى.
*١٠- تحملت ولاية كسلا تبعات النزوح بعد سقوط ود مدني، كيف تعاملتم معه؟*
تحملت كسلا وما زالت أعباء ثقيلة من تبعات نزوح الوافدين عليها خصوصا بعد سقوط مدينة ود مدني، إذ استقبلت أرتالا من جميع مناطق ولاية الجزيرة، وما زالت وفودهم تأتي إلينا، وقد تم إيواءهم في عدد (٢٥٥)
مدرسة، وهذه هي أس المعضلات في عدم فتحنا للمدارس رغم الولاية آمنة ولا توجد مدرسة حالياَ بمدينة كسلا تخلو من الوافدين حتى أننا اضطررنا لوقف استصافة المزيد للازدحام الشديد في مراكز الأيواء داخل المدارس، وقد تم تحويل الذين جاؤوا بعد ذلك إلى بقية محليات الولاية الأخرى.
*١١- هل خصصتم مراكز إيواء لأسر المعلمين والمعلمات؟*
نعم خصصنا مدرسة لأسر المعلمين والمعلمات وهي مدرسة الفاروق بحي العمال، وأرجو أن يجدوا رعاية خاصة واهتمام متواصل من قبل إدارة مراكز الإيواء بالولاية لأننا سنحتاج لهم في كافة التخصصات، ولذلك نسعى لتوفير احتياجاتهم حتى يحدث لهم الاستقرار الأمثل وتتم الاستفادة منهم.
*١٢- هل في نيتكم فتح المدارس وإجراء الامتحانات في هذه الأجواء؟*
هنالك محاولات جادة لفتح المدارس ومساعي طيبة لإيجاد معالجات للوافدين بمراكز الإيواء ، وذلك بأن نفرغ بعض المدارس منهم ونقيم لهم معسكرات داخل ساحات المدارس التي بها إيواء خاصة المدارس التي تكون مساحاتها واسعة، وإن شاء الله لن يتضرر الوافدين من فتح المدارس وسيكونون نصب أعيننا حتى تضع هذه الحرب أوزارها ويعودون لمناطقهم وديارهم سالمين آمنين.
*ماهي معالجاتكم لجانب مرتبات المعلمين بولايتكم؟*
المرتبات شأن اتحادي ، ولكن الولاية مجتهدة في توفير مرتبات المعلمين والمعلمات في ظل التغيير الذي حدث في جانب قيادة حكومة الولاية والجهود متواصلة في
هذا المضمار، ومن هنا أتقدم بالشكر الجزيل للسيد والي الولاية السابق الذي أولى جانب المرتبات كل اهتمامه وبذل مجهودا مقدرا، ومعلوم أن دخل الولاية ضعيف وامكاناته شحيحة ، ولذلك نناشد الحكومة الاتحادية
لمساعدة ومساندة حكومة ولاية كسلا في الإيفاء بمرتبات عمال التعليم خصوصا وأنها ليست كثيرة.
*١٤- المعلمون خط دفاع قوي تربويا عن الولاية، هل من برامج لإنقاذ الطلاب من تأثيرات الحرب عليهم؟*
نعم توجد نوايا خيرة وخطوات عملية لإقامة كورسات تقوية لإعادة استيعاب الطلاب والطالبات للمقررات
ونقصد بهم الجالسين لامتحانات الشهادة الثانوية للعام ٢٠٢٣م، وقد أكملنا في ولاية كسلا جميع المقررات وستكون هنالك مراجعات لهم بإذن الله تعالى، وأتشرف كثيرا برعاية مبادرة الأساتذة الوافدين للولاية في إقامة كورس إعدادي تحضيري نموذجي وتنشيطي لطلاب
وطالبات العام الدراسي ٢٠٢٢م-٢٠٢٣م الوافدين مع أسرهم ويقطنون بمراكز الإيواء أو منازل المواطنين، ومن هنا أبعث بهذه المناشدة لكل الجهات أن يكونوا خير معين لهم حتى يتحقق النجاح المطلوب لهذه المبادرة الخلوقة.
*١٥-ابن لنا جهودكم في مجال التربية الخاصة؟*
التربية الخاصة أوليناها عناية خاصة وكبيرة جدا،
وخصصنا لذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف الإعاقات مدرسة الأمل ونرعى كل شؤونهم التعليمية والاجتماعية، وقد أفردنا فصول داخل مدرسة الأمل لأطفال التوحد كمدرسة قائمة بذاتها ، وقد جلسوا لامتحانات مرحلة الأساس والمرحلة الابتدائية.
*خاتمة:*
وفي ختام هذا الحوار الصريح مع السيد مدير عام التعليم بولاية كسلا أتقدم بالشكر والتقدير والعرفان للأستاذ وليد الحاج أحمد مدير إدارة الإعلام التربوي بوزارة التربية والتوجيه بولاية كسلا الذي قام بالتنسيق
لإجراء هذا الحوار وفتح لنا قلبه قبل بابه ، وقد استقبلنا بحفاوة بالغة وأكرم وفادتنا واخجل تواضعنا، وهو أخ عزيز ربطتني به علاقات طيبة بإدارتي لإدارة الإعلام التربوي والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، فجزاه الله خير الجزاء ووفقه في أداء عمله وسدد رميه.
