مدير إدارة التدريب والتأهيل التربوي بولاية كسلا في حديث علمي متخصص
حاوره: يس إبراهيم الترابي
كما يقولون إن الصدفة خير وأفضل من ضرب الموعد ، وأن لها جمالا ورونقا وألقا، فقد كنت أبحث عن اللجنة المكلفة بالتسجيل للكورس الأكاديمي للطلاب الوافدين في مراكز الأيواء، وذلك لتسجيل بعض الطلاب، وعلمت من خلال إعلانهم أنها في إدارة التدريب والتأهيل،
فيممت شطري صوبها، وعندما دلفت سألت عن مكانهم فدلوني على مكتب المدير.
وحينما اقتربت منه رأيت رجلا يعلوه الوقار يلبس جلبابا أبيضا وعمامة، فنهض مسرعا نحوي خارج المكتب، فإذا بي أُفاجأ بأنه الدكتور أمين عوض، فتعانقنا وتسالمنا وتصافحت أيادينا ونحن نحاول أن نردم الأشواق في دواخلنا ونجتر الذكريات الجميلة بيننا.
فقد تعارفنا في مركز تصحيح اللغة العربية في امتحانات الشهادة الثانوية حينما كان رئيسا لحجرة العربي المتقدم وكنت مشرفا على مجموعة مصححين ، وذلك لمدة تقرب من العقدين من الزمان ، وتوثقت معرفتنا وتوطدت
علاقاتنا بعد زياراتي المتكررة لهم في حجرتهم ، ونحن نستفيد من علمه الغزير ومعارفه الثرة المتنوعة وغير ذلك من مواهب بقية العقد النضيد حيث الإلقاء الشعري والمديح ، وقد تفرقت بنا السبل بعد عام ٢٠١٩م وعملي في الكنترول.
من خلال تجاذبي أطراف الحديث معه أدركت حجم الأعمال التي قام بها في إدارة التدريب والتأهيل التربوي والإنجازات العظيمة أنجزها خلال توليه إدارة هذا الموقع الحيوي المهم، فنشأت في دواخلي رغبة جامحة للتوثيق لها آنياً عبر هذا الحوار واللقاء الذي جاء وليد اللحظة
والصدفة كما أشرت، ولم أخطط له ولم أتهيأ لإفراده، فلنترككم مع هذه الإفادات الطيبة والإجابات الشافية والحديث العلمي المتخصص الذي توجته هذه السيرة الذاتية العطرة:-
*١- نبذة تعريفية مختصرة عن شخصيتك؟*
الاسم: الدكتور أمين عوض السيد محمد آدم.
الميلاد: حي الثورة جنوب ١٩٦٨/٤/١٠م.
المراحل الدراسية: مدرسة التاكا الابتدائية- مدرسة مكرام المتوسطة- مدرسة كسلا الثانوية بنين.
جامعة الجزيرة، بكلاريوس كلية التربية قسم اللغة العربية.
ماجستير جامعة الخرطوم- كلية التربية لغة عربية في النحو العربي.
ماجستير لغة عربية للناطقين بغيرها من معهد الخرطوم الدولي للغة العربية.
دكتوراة في التربية- جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا، في تكنولوجيا التعليم (مناهج وطرائق تدريس).
*النشاط العلمي*
تقديم أوراق عمل في التربية بجامعة الملك فيصل بإنجمينا بتشاد.
تقديم أوراق علمية في التربية في مؤتمر الإيقاد بأديس أبابا وقد كنت ممثلاً للمركز القومي للتدريب.
*٢-متى تم تعيينك معلماً وأول مدرسةعملت بها؟*
تم تعييني معلما في العام ١٩٨٩م وأول مدرسة عملت بها هي مدرسة كسلا الأهلية المتوسطة بنين.
*٣-اذكر لنا المناصب الإدارية التي تقلدتها؟*
تحولت للمرحلة الثانوية في العام ٢٠٠٠م وأول مدرسة أعمل بها هي مدرسة مكرام الثانوية بنين.
= وكيل مدرسة كسلا الثانوية بنين ٢٠٠٧م.
= وكيل مدرسة مكرام الثانوية بنين ٢٠٠٨م.
= مدير مدرسة الشعبية الثانوية بنين ٢٠٠٩م.
= مدير مدرسة سبدرات الثانوية بنات ٢٠١٠م.
=انتقلت بعد ذلك للعمل في الإشراف التربوي موجها لمادة اللغة العربية في المدارس الثانوية على مستوى ولاية كسلا.
= تم انتدابي لمدرسة الصداقة السودانية التشادية بإنجمينا ٢٠١١-٢٠١٦م.
*التعاون مع الجامعات*
=عملت محاضرا بكلية التربية قسم اللغة العربية بجامعة كسلا.
= محاضرا بجامعة الملك فيصل بإنجمينا – قسم اللغة العربية والعلوم التربوية.
= قمت بتقديم برامج تربوية في فضائية تشاد وفضائية كسلا وإذاعة كسلا عن المناهج وطرائق التدريس.
= بعد ذلك توليت إدارة التدريب والتأهيل التربوي بوزارة التربية والتوجيه بولاية كسلا في العام ٢٠١٩م.
*كانت فترتك زاهية بجامعة السودان المفتوحة بكسلا ، هلا حدثتنا عنها؟*
حقيقة كانت فترتي بجامعة السودان المفتوحة من أزهى فترات عملي في مجال تقديم المحاضرات التعليمية والتدريبية، وقد عملت بها لأكثر من خمسة أعوام في تدريس وتدريب كل معلمي ومعلمات ولاية كسلا، وقد منحت الجامعة شهادة البكلاريوس لكل معلمي ومعلمات مرحلة الأساس بالولاية والدبلوم العام لمعلمي ومعلمات المرحلة الثانوية.
ومن دواعي سروري وافتخاري أن يتولى إدارة الجامعة في تلك الفترة الدكتور العلامة الإداري الناجح أحمد إدريس الذي حققت الجامعة في عهده طفرات في مختلف المجالات وقد كانت لجهوده الثرة الأثر البالغ والملموس في مراحل تطوير الجامعة.
*٤- متى تم تأسيس إدارة التدريب وأهم الشخصيات التي تعاقبت عليها؟*
تم تأسيسها في العام ١٩٧١م ومن الذين تولوا إدارتها الأستاذ الماحي إبراهيم والأستاذ الحاج دكام والأستاذ محمد الأمين فكي علي والأستاذ حسن حاج حمد والأستاذ دفع الله حسان.
*٥-ماهي المهام والاختصاصات التي تضطلع بها إدارة التدريب والتأهيل التربوي؟*
هذه الإدارة تختص بتدريب معلمي مرحلة الأساس، وقد قمنا بتدريب مديري ومعلمي المرحلة الثانوية ولكنا نركز على معلمي ومعلمات الأساس لأن المنظمات تستهدفهم
من أجل اهتمامها بالأطفال ، وحينما أتيت لهذه الإدارة وجدتهم يعتنون بذلك وقد عملت على تطوير الأداء بتدريب المشرفين التربويين ومديري المدارس الثانوية.
كما تقوم إدارة التدريب بتحليل وتقويم امتحانات شهادة
مرحلة الأساس والشهادة الثانوية، ومن خلال ذلك قمنا بعرض التوصيات ورصد النتائج لمعالجة الخلل وتفادي السلبيات وتعزيز الإيجابيات والإشراقات.
*٦-حدثنا عن الإنجازات المادية التي قمتم بها في إدارة التدريب؟*
في إطار تطوير الأداء بمعهد التأهيل التربوي تمكنا من توفير مولد كهربائي الذي تبرع به والي ولاية كسلا الأسبق الطيب الشيخ نشكره عليه، حتى يتم إمداد التيار الكهربائي منه لأن العملية التعليمية التربوية قائمة على التقنيات الحديثة، كما قمنا بجلب عدد (٢) بروجكتر ،
وحرصنا على صيانة عربة التأهيل التربوي وقد كانت متعطلة ومركونة والآن تؤدي دورها في حركتنا والحصول على احتياجاتنا بسهولة، كما قمنا بتوفير عدد(٢) كولر (مبرد مياه) وصيانة الحمامات ، وكل هذا يصب في تهيئة البيئة المثلى لعملية التدريب.
*٧-وماذا عن الشراكات بينكم وبعض المنظمات والجهات ومدى استفادتكم منها؟*
نعم عقدنا العديد من الشراكات مع عدد من المنظمات والجهات مثل شراكتنا مع جامعة الشرق للعلوم والتكنلوجيا الذين سيقومون بصيانة القاعات وتأهيلها ،
كما وفقنا في تأهيل مسجد إدارة التدريب وجلب مكيفات له بتعاون مثمر مع لجنة المسجد من سكان الحي الأبرار، كما لدينا شراكة مع معهد دار الخير التنموي، ولدينا أيضا شراكات مع المنظمات العاملة في هذا المجال مثل منظمة
اليونسيف وبلان سودان ومنظمة الإيقاد التي اهتمت بالتدريب في مدارس اللاجئين بالمرحلة الثانوية.
*٨-اذكر لنا نوعية وعناوين الدورات التدريبية التي أقيمت في قاعاتكم الأنيقة؟*
أقمنا العديد من الدورات التدريبية ونظمنا الكثير من الورش المتخصصة، وذلك في مجالات المناهج وطرائق التدريس والمواد الأساسية ، ودورات تدريبية في التخطيط الاستراتيجي ودورات لرفع القدرات في القيادة الاستراتيجية ودورات في الإدارة المبنية على النتائج
ودورات تدريبية في بناء القدرات في مجال شؤون العاملين وإدارة الجودة الشاملة والدعم النفسي والاجتماعي والمهارات الحياتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وأصول التدريس وإدارة الصف ، كما اعتنينا بالدورات التدريبية المتقدمة (TOT) لخلق مدربي المدربين.
وقد منحنا كل الدارسين والدارسات المتخرجين من مختلف هذه الدورات شهادات تؤكد حصولهم على المعرفة والجرعات التدريبية واستفادتهم منها.
*٩-هل توقفت الدورات التدريبية لأي سبب مثل التداعيات السياسية والنزاعات؟*
أبدا لم تتوقف الدورات التدريبية ولم نركن لأي تداعيات سياسية أو تأثيراتها مثل المسيرات والمظاهرات أيام الثورة أو النزاعات أيا كانت على حدود الولاية، وظل معهد التأهيل التربوي يؤدي رسالته ويقوم بمهامه حتى
هذه اللحظة، وأنت معنا اليوم أخي يس تشهد ورشة تدريب ميسري التعليم البديل وتقوم بتغطيتها.
*١٠-هل نفذتم حصص نموذجية كتدريب عملي للمعلمين والمعلمات؟*
نعم، هذا سؤال جيد، فقد قمنا بتقسيم المعلمين والمعلمات داخل تناسيق وهي كل مجموعة في مدرسة في تنسيق موحد لتدريب المعلمين والمعلمات عبر الحصص النموذجية في مختلف المواد الدراسية، وهذا
يساعدنا أن ندعم عملية التدريب دون أن تكون هنالك أي تكاليف أو نفقات من قبل الوزارة أو الشراكات مع المنظمات، إضافة إلى الاستفادة العملية القصوى التي يجدها المعلمون والمعلمات من هذه الحصص النموذجية التي قد لا يجدونها في الدورات التدريبية التي يغلب عليها الطابع النظري.
*١١-جاءتكم منظمة سفريكو بعد تداعيات الحرب، هل استفدتم منها؟*
نجد ان هذه المنظمة قد صبت كل عملها بولاية الخرطوم قبل الحرب، وقد تشرفنا بمقدمها بعد الحرب لولاية كسلا وهم يحملون خبراتهم وتجاربهم التي بذروها بولاية
الخرطوم، وقد قمنا عبر الشراكة معهم بتدريب قيادات الإدارات التعليمية بالوزارة و مكاتب التعليم بالمحليات، وذلك في مختلف الورش التدريبية في مجال تطوير العمل الإداري وعلى وجه الخصوص التخطيط الاستراتيجي.
وقد أقاموا عددا من الورش وتشهد قاعة رئاسة الشرطة بالولاية اليوم الثلاثاء ورشة (توظيف أدوات تكنولوجيا التعليم في تطور العمل الإداري التربوي)، ويوم الخميس ستكون هنالك ورشة مع هذه المنظمة الفتية حول(التحسين المستمر في الإدارة-الكايزون-).
*١٢-هل اهتممتم بتوطين التدريب بولاية كسلا؟*
وأرى أن هذا المحور في غاية الأهمية، فقد عملنا بقوة على توطين التدريب في جميع المحليات حيث تقام الورش والدورات التدريبية في هذه المحليات والوحدات
الإدارية التي تتبع لها، وذلك بأن نقوم بابتعاث مدربين إلى هذه المناطق مما يساعد على استقرار التدريب بها، ويجنبهم عوامل الإرهاق بالسفر والسكن والحركة وغيرها من التبعات.
وقد نفذنا العديد من الورش التدريبية في المحليات الشمالية مثل أروما ووقر وتلكوك وهمشكوريب وريفي كسلا وخشم القربة وود الحليو وحلفا، وقد سعدنا بنجاح تجربة توطين التدريب لأنها وفرت لنا الجهد والوقت والمال.
*١٣-كلمة أخيرة:*
الشكر والتقدير للأخ يس الترابي الصحفي المخضرم على هذه الزيارة التي لم يتم الترتيب لها وقد أتت بعفوية وصدفة مما أسعدنا كثيرا بها ، ونشهد لك بأنك أعطيت الإعلام التربوي الكثير وجعلت له نكهته المرغوبة وقلبك
على التعليم، وقد وجدناك في مركز تصحيح اللغة العربية ناصحا ومرشدا ونشطا ومقدما لبرامج (السقيفة) الأدبية والثقافية عقب صلاة الظهر ، ونتمنى لك إقامة طيبة بين ظهرانينا بمدينة كسلا أرض التاكا ، وعبر هذا اللقاء نبعث بأهمية التدريب باعتباره رأس الرمح في العملية التعليمية والتنمية الحقيقية مرتبطة بتنمية وتأهيل الكوادر البشرية.
ولا يفوتني هنا أن أشيد بمجهودات السيد مدير عام التعليم بولاية كسلا لوقفاته المشرفة معنا في إدارة التدريب والتأهيل التربوي وسنده ودعمه والدفع بعملية التدريب من أجل تطوير قدرات وكفاءات الإدارات والمعلمين والمعلمات.
وأخيرا أسأل الله سبحانه وتعالى النصر العاجل المؤزر لقواتنا المسلحة في معركة الكرامة ونقول لقادتها إن جميع معلمي ومعلمات السودان وليس ولاية كسلا فقط وهم يقفون معها قلبا وقالبا بأقلامهم وأخلاقهم ودعواتهم وأسلحتهم.
*خاتمة*
وأنا أودع هذا العالم النحرير والمعلم القدير والتربوي الكبير، وقد انتشت فرائصي بلقائه وحديثه ، تذكرت حواري مع السيد مدير عام التعليم بولاية كسلا الذي لم أقدم له سؤالا عن التدريب، فكأن القدر أراد نسيان ذلك حتى نأتي لخبازه وباري قوسه.