محمد احمد عبدالقادر يكتب: رجال من الساحل ( 2-3 )محمد عيسى احمد:الصحفى و السياسى و الرياضي
محمد احمد عبدالقادر يكتب: رجال من الساحل ( 2-3 )محمد عيسى احمد:الصحفى و السياسى و الرياضي
صحيفة السياسة أعتبرها أميز التجارب الصحفية التى صدرت عقب انتفاضة ابريل ١٩٨٥ . بما توفر لها من إمكانيات مادية كبيرة ، و كوادر صحيفة مقتدرة . ضمت اثنين من كبار اساتذة الصحافة بجامعة ام درمان
الإسلامية. و مجموعة من الشباب اللذين درسوا الصحافة بالجامعات المصرية . من بينهم اثنين من أبناء بورسودان وتحديدا ( ديم كوريا ) هما هاشم مداوى و صديق الشم
(متعهم الله بالصحة و العافية)… الدكتور خالد فرح الذى أسس صحيفة السياسة هو ايضا من أسس البنك السودانى الفرنسى الذى يدير فرعه ببورسودان الدكتور محمد عيسى .
* أول ما قرات للدكتور محمد عيسى كان فى صحيفة السياسة التى يراسلها من بورسودان و تنشر له بانتظام … تميز السياسة بين صحف الخرطوم يقابله ايضا تميز مراسلها بين مراسلى الصحف ببورسودان… صديقنا
المشترك الناقد اللمّاح فتحى الشقيلى قال ( محمد عيسى لم يكن مراسلا متفرغا لهذا العمل إلا أنه شكل حضورا لافتا بجاذبيته الطاغة التى جعلته محط الأنظار . كان وسيما و انيقا فى كتاباته و ايضا فى مظهره بين مراسلين شعث غبر ترهقهم قترة ) .
* سبق ان ذكرت أن أستاذنا الكبير عبدالغنى جوهر ( عليه رحمة الله ) هو اول من حدثنى عن محمد عيسى و عن اسهاماته الصحفية و الأدبية… جوهر هو ايضا من قدم محمد عيسى فى بلاط صاحبة الجلالة … جوهر كان
يحرر صفحة أسبوعية بجريدة الثورة أوائل الستينيات بعنوان ( اشياء ليست للبيع ) و كان يهتم كثيرا بالمواد الأدبية التى تأتيه من محمد عيسى و يعلق عليها مشجعا… الدكتور محمد عيسى يذكر بكل التقدير و
العرفان دور الاستاذ جوهر فى مسيرته الصحفية … ما مرت ذكرى وفاة جوهر إلا و أشار اليها الدكتور محمد عيسى فى صفحته مترحما عليه … إشارات محمد عيسى للذين انتقلوا الى جوار ربهم من أصدقائه و أهل الفضل عليه فى ذكرى وفاتهم من اكثر الأشياء التي تعجبنى في
صفحته . وهو ما يدل على خصلة الوفاء المتجزرة في هذا الرجل … يذكر الدكتور محمد عيسى أيضا بالخير كله الأستاذ محمد الحسن أحمد رئيس تحرير صحيفة الصحافة الذى كان شديد الإعجاب بتحقيقات محمد
عيسى الصحفية التى كانت تتميز بالجرأة فى تناول القصايا المرتبطة بمصالح الناس و معاشهم . و تحظى برواج كبير فى مجتمع بورسودان… محمد عيسى كان يستعين بالمصور الفوتوغرافي المخضرم عبدالرحيم حسن فى اعداد تلك التحقيقات… الصحفى عبدالله
جلاب جاء الى بورتسودان موفدا من رئيس تحرير الصحافة لمقابلة محمد عيسى و ترتيب امر تعاونه مع الصحيفة ، فى خطوة تكشف عن تقدير ادارة الصحيفة للعمل الذى سيؤديه محمد عيسى .
* خالد اونسة رئيس مجلس ادارة هيئة الموانئ و مؤسسها الفعلى و بانى نهضتها الحقيقية كتب فى مذكراته ، انه صدم عندما جاء للهيئة فى المرة الأولى و وجد رئاستها عبارة عن مكاتب خشبية قديمة تسرح فيها
الفئران. و مكاتب اداراتها منتشرة في أماكن متفرقة …الرجل عزم منذ البداية على تشييد مبنى ضخم و بأحدث المواصفات يستوعب جميع إدارات الهيئة… طرح الأمر أولا على السوق الأوربية المشتركة التى تجاوبت معه فى البداية ثم تراجعت … ثم طرح المشروع في
عطاء عالمى فازت به إحدى الشركات الكورية إلا أنها ايضا تراجعت فى اللحظات الأخيرة. و أخيرا طرح الأمر على الادارة الهندسية بالهيئة التى قبلت التحدى و شرعت في تنفيذ المشروع الذي اكتسب أهمية إضافية و أصبح ملحمة تحدى وطنى فضلا عن كونه أكبر و احدث مبنى معمارى بشرق السودان .
* المشروع في مراحله النهائية و الجميع يتطلعون الى الانتقال اليه . اذا بمراسل صحيفة السياسة من بورتسودان محمد عيسى ينشر مقالا فيه العديد من الاشارات السالبة عن المشروع و لا يخلو من تهكم . الأمر الذي قوبل بسخط من العاملين قبل الإدارة. و انبرى بالرد
عليه و بصورة انفعالية لا تخلو من قسوة اثنين من أعز الزملاء يس محمد نور و محمد محجوب شريف ( متعهم الله بالصحة و العافية ) … محمد محجوب كان رده بعنوان ( احشف و سوء كيلة يا محمد عيسى ) . كانت تلك هى المرة الأولى التى اسمع فيها ذلك التعبير لذا ظل
عالقا بالذاكرة … اللذين ردوا و المردود عليه من احب الناس إلى نفسى … ولا يمكنى تجاهل او تغافل الامر بحكم وضعى الوظيفى بالموانى … صرت فى وضع لا احسد عليه … وانا فى حيرتى تلك صدفة اطلعت على عمود (خواطر الصباح ) للاستاذ مصطفى عبدالفتاح . و
كأن الله قد سخره للرد على محمد عيسى نيابة عنى . و كأن الله اراد أن يحفظ صلتى بمحمد عيسى من كل شئ قد يعكر صفوها … الرجل تحدث عن أهمية ان تمتلك المؤسسات مقار عملها . و أشار إلى سلبيات العقارات
المؤجرة و ضرب مثلا لذلك بالبنوك . و قدم مبنى رئاسة البنك الزراعى نموزجا لما قاله …تنفست الصعداء … وقمت باعادة نشر العمود بالنشرة الداخلية للهيئة ( سنجنيب ) تحت عنوان ( هدية لمحمد عيسى ) و فى النهاية دعوته لزيارة مشروع رئاسة هيئة الموانئ . و خرجت من الموضوع كالشعرة من العجين .
* الدكتور محمد عيسى احمد بدأ حياته العملية بالشهادة السودانية من مدارس كمبونى . وبها تدرج حتى تبوأ أرفع المناصب . حصل على الشهادة الجامعية من القاهرة في أواخر سنوات خدمته . وبعد ان ترك الخدمة حصل على درجة الماجستير ثم الدكتوراة في ادارة المصارف و
المؤسسات المالية من إحدى الجامعات الأمريكية عن طريق الدراسة من بعد …و مع هذا الرصيد العملى و العلمى الكبير فى مجال المصارف . الا إنى أرى أن قدرات محمد عيسى الصحفية اكبر من قدراته المصرفية … قد اكون مخطئا لأنى اصلا بعيد عن دنيا المال و عالم
المؤسسات المالية . وقد يكون لدى هوس بالصحافة و الصحف يجعلنى أراها الافضل فى كل الأحوال… الدكتور محمد عيسى لم يدرس الصحافة و لم يتفرغ لها . و لكنه
ترك فيها و من خلالها بصمات لا تخطئها العين فى تاريخ مدينة بورسودان … آخر محطاته الصحفية كانت رئاسته لمجلس ادارة صحيفة بورسودان مدينتى خلفا لصديقه الراحل الدكتور سيد بيومى ( عليه رحمة الله ) .
* الدكتور محمد عيسى اشتغل بالسياسة حينا من الدهر … كان الأمين العام للحزب الاتحادى الديمقراطي… الحزب صاحب الجماهيرية الأكبر ببورسودان … و لخمس سنوات استقال بعدها و طلق السياسة ( طلاق الطريفى
لجملو ) … رجل بكل ذلك الرصيد وظيفيا و صحفيا وسياسيا من الطبيعى ان يكون له دور مجتمعى مؤسسى… الدكتور محمد عيسى كان رئيسا لمجلس امناء كلية بورسودان الاهلية و لدورتين متتاليتين. كل مبانيها
الحالية تم تشيدها بالكامل في عهده … الآن اصبحت جامعة بورسودان الاهلية … و كان نائبا لرئيس نادى بورسودان العالمى ارقى الاندية الاجتماعية بالمدنية.
* الدكتور محمد عيسى احمد مصطفى ( متعه الله بالصحة و العافية ) و هو من القلائل الذين مازالواعلى قيد الحياة و يمكن تصنيفهم بذاكرة مدينة بورسودان و الشهود على كل مراحل تطورها في كل المناحى . اختم
حديثى عنه باسهاماته فى المجال الرياضى … كان عضوا بمجلس ادارة نادى حى العرب فى عهده الذهبى ( ايام ابراهيم عبده ) . وكان نائبا لرئيس الاتحاد المحلى لكرة القدم فى الثمانينات و عضوا بمجلس ادارة نادى التنس و هو مؤسس نادى السهم بالديوم الحنوبية و اول رئيس له .
و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين .
و إلى حديث عن رجل اخر من الساحل بإذن الله
الكابتن عابدون … العابد التقى و الكابتن النكتة .