محمد احمد عبدالقادر يكتب: خسارة… عمر تارك ترك الحارة

محمد احمد عبدالقادر يكتب: خسارة… عمر تارك ترك الحارة
مساء الإثنين الثانى و العشرين من يونيو الماضى ، نفر كريم من شتى انحاء الحارة ٧٥ بالثورة ام درمان التقوا بمسجد الزهراء بعد صلاة المغرب ، و جلسوا لوداع الأخ الكريم المهندس عمر محمد مهدى تارك ، الذى عزم
الرحيل و الهجرة إلى سلطنة عمان . و فى قرارة نفسه يقول لولا هذه الحرب العبثية اللعينة و آثارها الكارثية المدمرة اخرجتنى منك لما خرجت ابدأ.
جلسة الوداع الطيبة المباركة ، كانت بمبادرة من تكية البليلة بميدان المسجد . امتدت حتى قبيل صلاة العشاء . كل هذه الفترة كان الحديث فيها عن فضائل و مواقف الأخ عمر فى خدمة هذه الحارة … منهم من تحدث عن
حسن جوار عمر . وآخر تحدث عن دعم عمر للمسجد . وهناك من اسهب في الحديث عن دور عمر فى معالجة مشاكل المياه بالحارة و سرعة استجابته فى قضاء حوائج الناس، وقال ما سمع عمر بخبر وفاة إلا و كان فى
مقدمة المشيعين، و غالبا ما تكون الجنازة في سيارته . وكان في بداية الجلسة البسيطة الرشيقة الانيقة قد تحدث الشيخ محمد ابراهيم معلا عن معانى و دلالات مثل هذه الجلسة . كما ارتجل الشيخ عماد الطاهر الماحى ابيات من الشعر مادحا بها الأخ عمر .
أما أنا فقول أولا إننى غير محظوظ فقد تعرفت على الأخ عمر فقط خلال السنتين الماضيتين رغم إنه من قدامى سكان هذه الحارة و انا كذلك . و لكن العزاء ان توطدت و توثقت و تمتنت علاقتى به سريعا و صار من اقرب اهل الحارة إلى نفسى … كيف لا و الرجل و من خلال التعامل
اللصيق و المعاملة الحميمة وجدته رجل منظم و مرتب و منضبط فى كل شىء… إنسان التعرف عليه مكسب و التعامل معه متعة و المؤانسة معه لها طعم خاص و نكهة مميزة (زول وناس من الدرجة الأولى) … شخص مبادر و مشجع لا يعرف اليأس و الاحباط عبارات ( جدا … مافى مشكلة ) دائمآ على لسانه .
الجلسة التى شهدها مسجد الزهراء لوداع عمر تارك أظنها الأولى من نوعها بهذه الحارة، و لا اظنها ستتكرر … تحدث فى ختامها و اول ما قاله إنه اقل بكثير من الذى قيل عنه . وأنه اضطر اضطررا للهجرة فى هذا الوقت
السيئ. وسبق له ان رفض كل اغراءات الهجرة فى أحسن الأوقات. و عبر عن شكره على هذه الجلسة التى لن ينساها كما قال . و أعرب عن امله ان تعود البلاد إلى ما كانت عليه ليعود إليها و إلى هذه الحارة .
اليوم الإثنين الثامن من يوليو وصل الى مسقط ، و بهذا يكون عمر تارك قد ترك الحارة بالفعل ، و تكون الحارة قد خسرت واحدا من انبل سكانها … نسال الله له اقامة طيبة و عودا قريبا بإذنه تعالى.