مقالات

محمد أحمد مبروك يكتب: …سطور ملونة..ديل هم الرجال

محمد أحمد مبروك يكتب: …سطور ملونة..ديل هم الرجال

 

لو رأيت ما فعله الرجال والنساء في بادر لرفعت لهم أكف الشكر والإجلال ولدهشت لعظمة ما أنجزوا عندما تقاعست أجهزة الدولة وبان ضعفها وتفككها وعجزها عن تقديم العون لنازحي الخرطوم البؤساء ..

استعرت الحرب اللعينة وتحولت الخرطوم الجميلة إلى جحيم لا يطاق .. البعض لم يجدوا وقتا لحمل حتي ماغلا ثمنه وخف وزنه .
تركوا كل شيء خلفهم بيوتهم أثاثهم وأموالهم وسياراتهم وملابسهم وذكرياتهم وأحلامهم .. كلها نهبت ودمرت

وأحرقت وحملت الرياح السوافي حتى رماد الذكريات ..
نزحوا في كل اتجاه نحو أهل أقربين أو ذوي قرابات بعيدة صرم الزمان حبل الود فيها ، أو حيث لا أهل ولا معارف ولا قرابات ..

استأجروا البيوت وأنصاف وأرباع البيوت .. أقاموا في الحيشان الخالية والرواكيب . سكنوا المدارس وأفنية المساجد .. سكنوا في كل مكان وبلا مكان أحيانا ..
البعض حمل ماله القليل (فأهل المال الكثير عبروا حدود الوطن) والأكثرية لم يحملوا مالا .. وفي أيام قلائل جاعوا ..

الدولة كسيحة عاجزة عن تقديم شيء لهم سوى كلمات حماسية قالها الولاة المتخمون لحما وشواء وصورها إعلامهم المنافق فأرضت غرورهم الزائف ..
المنظمات الدولية (والإنسانية) قدمت لهم دعما ضخما من الأماني الخلب والأحلام السراب والمهانة والمذلة والمتاجرة باسمهم ..

هنا شمر الرجال في بادر عن سواعد الجد وشدوا الحزم والحزام وتركوا راحة النهار ونوم الليل ..
ما بين عطبرة وبربر امتلأ كل مكان بنازحي الخرطوم وقدم الناس وسعهم وفوق وسعهم لكن الأمر كان فوق الطاقة ..

عبر مظلة بادر تنادوا وبدأوا عملا عملاقا في مساعدة النازحين .. بحثوا عن بيوت للأيجار للقادرين عليه ، وبحثوا عن استضافات لمن لا يطيقون استئجارا ..
جمعوا المال واشتروا هياكل الأسرة ونسجوها ووزعوها للذين افترشوا أديم الارض .

اشتروا الأغطية والبطاطين والدفايات ووزعوها للأطفال تقيهم ليل الشتاء وتحفظ في عظامهم الدفء .
وقفوا في الأفران يشترون الخبز ويجمعونه من أهل الخير ويوزعونه للأسر المتعففة بما يكفيها للوجبتين .
يوما بعد يوم وأسبوعا بعد أسبوع وشهرا بعد شهر

يتواصل جهدهم لم تكل عزائمهم ولم تفتر هممهم ولم يحبطهم تطاول الزمن وزيادة عدد النازحين أضعافا .. بل وسعوا جهدهم بالمساعدة في العلاج وتوفير الدواء والبحث عن الكساء ..

هل تصدق أن كل هذا لم يؤثر في عمل مظلة بادر القديم فقد تواصل جهدهم رغم أن ما فرضته الحرب كان عبئا هائلا ..
واذا سألتني: طيب.. قبل الحرب دي الناس ديل كانوا بيعملوا شنو ؟

اقول لك : كانوا يجهزون سلة غذائية للأسر الفقيرة والمتعففة فيها قدر كاف من السلع التموينية وما زالوا .. واناروا جميع الشوارع في المنطقة حتى الزقاقات والشوارع الفرعية بل والشارع الرئيسي على طول المنطقة وصانوا المدارس ومرافق الخدمات الصحية

وشبكة المياه والمقابر . ودعموا الأسر في المواسم الاستثنائية في سلة رمضان وكسوة الاعياد واحتياجات الطلاب وكسوتهم في بداية كل عام دراسي ..
وأقول لك : وغير ذلك كثير !!!!
لعله أثار فضولك : ماهي مظلة بادر ؟


نعم هي مبادرة فجرها وقادها شاب اسمه عبد السلام فتح الرحمن الفحل وبدأها بجهد محدود في منطقة كنور لكنها جذبت الألاف وما زالت رقعتها تتسع وتستقطب الناس كل يوم وأصبح فيها قادة ورجال فاعلون مشربون بفعل الخير . عالية همتهم يبتغون رضوان العلي الكبير ..

صحيح أن عبد السلام الفحل هو مؤسس المبادرة وراعيها وقائدها لكن رجالا ٱخرين كان لهم سهم وافر فيها .. لا أظنك تعرف أحمد ابراهيم كنين وميرغني عبد الباقي ويس الأمين وتاج السر ابو طالب وصديق عثمان ٠٠ ونصر

الله العوض وكاريكا ود الشاعر وياسر هاشم العبد الذين يصارعون من أجل تجميع السلة الغذائية للمحتاجين وتوفير الخبز والاعانات للنازحين .
كثيرون من هؤلاء الرجال لم يرد ذكرهم فأنا لم اتشرف بمعرفة اغلب من ورد ذكرهم وكل الذين لم يرد ذكرهم ..

لكن أهم من هؤلاء الاف الرجال والنساء تحت مظلة بادر يسهمون بمالهم وجهدهم . ونفذت كل هذه المشروعات العملاقة بجهدهم ومساهماتهم .

تحية لعبد السلام الفحل والكوكبة المشرقة من الرجال الاقوياء الذين اوقدوا شعلة مضيئة في هذا الظلام الكثيف وعملوا خيرا ونفعا في أصعب الظروف .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى