الأخبارمقالات

إشتياق الكناني تكتب: لا شئ مثل وطني

إشتياق الكناني تكتب: لا شئ مثل وطني

 

لا يوجد أقسى وأشنع من ان تجد نفسك مجبراً على الخروج من بيتك والنزوح إلى المجهول !!..
وعندما نقول المجهول فإننا نعني هذه الكلمة بكل ما تحمل من قهر وإذلال ومعاناة ورهق وشعور لا يوصف بالغبن والضياع !!..
فقد قذفت بنا مآسي الحرب خلال سنة واحدة داخل خمسة منازل، وكلما نحاول الإستقرار والراحة بعض الشيء تأتي لحظة شد الرحال إلى منزل آخر وهي تجربة مؤلمة حقاً لعائلة اعتادت على الإستقرار والعيش في ستر وهدوء ..
وكغيرنا من أهل بلادي الطيبة كنا نعشق بيتنا ونألفه ولا نطيق فراقه لمدة طويلة ..
فقد عشنا بين جدرانه أروع سنوات نجاحاتنا واخفاقاتنا وحكاياتنا وحبنا لبعضنا البعض ..
كان بمثابة بوصلة حياتنا التي تحدد اتجاه ما نريده وما لا نريده ..
نعرفه ويعرفنا.. نشتاق إليه كلما خرجنا منه ويشتاق إلينا .. نلاعبه ويلاعبنا .. نضاحكه ويضاحكنا ..
محطات حياتنا كلها في بيتنا .. وأنوار بيتنا .. وشارع بيتنا .. وجيران بيتنا ..
ورغماَ عن ذلك اضطرتنا ظروف الحرب للخروج منه منه قسراً .. واصبحنا بين ليلة وضحاها من النازحين هنا وهناك بلا أمل في الإستقرار والعودة إلى المكان الذي أحببناه ..
ظللنا هكذا في دوامة البحث عن الأمن والأمان دون جدوى لأن الكل يقول نفسي نفسي في (أبشع) تجربة يعيشها الغبش ومن لا صريخ لهم ..
وتزداد المواجع ونحن نتلقى نبأ رحيل جارة لنا تحب بيتها وتحب الحارة التي ترعرعنا فيها وعلمنا انها نامت ولم تستفق أبداً !!.. رحلت وهي مليئة بكل انواع القهر والغبن والحسرة و(فظاعة) ظلم الإنسان لأخيه الإنسان!!..
و(الوجع) أحياناً يقتل أسرع من الرصاص والدانات المتطايرة فوق رؤوس الأبرياء والعزل ..
لكن لا أحد يهتم ولا أحد يتوقف ولا أحد يرحم ولا إحد يخاف ربه ..
الكل يذهب نحو مجده فوق أوجاع السودانيين وعلي جماجمهم وعبر شلالات الدماء الطاهرة ..
لا أحد يهتم بهولاء الطيبين الذين لا يعرفون أكثر من منزل يحتويهم وأبناء حولهم واحفاد يتقافزون حولهم ..
نحن لم ننشد المجد ولم نطلب المستحيل ولا أي شئ فوق طاقة البشر ..
نحن نريد أن نعود إلى بيتنا .. وإلى شارع بيتنا وإلى ظل الشجر ،،

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى