مقالات

إبراهيم شقلاوي يكتب : حرب الخرطوم متي تضع اوزارها

الخرطوم |العهد أونلاين

إبراهيم شقلاوي يكتب : حرب الخرطوم متي تضع اوزارها

 

 

مؤكد ان الآثار البيئية والاقتصادية و الإجتماعية لحرب الخرطوم   التي بدأ في 15 أبريل الماضي والتي توشك أن تدخل شهرها الثامن.. تعتبر آثار كارثية كبيرة بل فوق التصور وعميقة بما احدثته في نفوس السودانيين من الألم بعد ان كانوا ينعمون بالأمن والسلام والطمأنينة لوقت قريب.. قبل أنسداد الافق بين النخب السياسية و العسكريين والذهاب في التخطيط وتنفيذ انقلاب فاشل خلط جميع الأوراق .. لكن سرعان ماتكشفت الحقيقية من خلال صمود الجيش الذي احبط المؤامرة.. لذلك ان الأون للنظر لهذه الحرب من زاوية أخرى .. أكثر تجرد ووطنية..

ليتسع أفق المفاوضون للحل.، فالوسطاء في منبر جدة.. المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية يبذلون جهدا مقدرا لأجل إحلال السلام فقط يحتاجون لممارسة ضغط اكبر او ربما إضافة مزيد من الوسطاء للمنبر لتسريع عملية وقف الحرب والانتقال للعملية السياسية .. كذلك علي مستوي كافة المبادرات الهادفة لوقف الحرب تحتاج الفاعلية اكبر لتجاوز الوقت المهدر دون جدوي او نتائج ملموسة.. فقد بات الشعب السوداني يكتوي بأوار هذه الحرب تشريدا وحسرة و انحسار للأمل و يتطلع بعين الترقب للسلام المنشود .

هذه الحرب احدثت ضرر كبير للبنية التحتية وأصبحت مهدد حقيقي لبقاء الدولة السودانية.. بالرغم من المجهودات التي تقوم بها الحكومة السودانية في هذه الوقت للمحافظة علي استمرار الحياة والخدمات في الولايات التي لم تتأثر بالحرب.. اذا أخذنا في الاعتبار ولاية الخرطوم التي تمثل العاصمة القومية والقلب النابض للدولة السودانية

باضلعها الثلاث الخرطوم وبحري وأم درمان .. فقد تأثرت كافة القطاعات بلا استثناء خصوصا القطاعات الخدمية.. المتمثلة في المياه والصحة والتعليم والزراعة..في جانب المياه.. تم استهداف لمحطة بحري التي تمثل إمداد المياه العذبة لعدد يقدر ب 2 مليون نسمة تقريبآ .. التي لازالت خارج الخدمة ومحطة المنارة التي تعمل الان بصعوبة ومحطة المقرن ومحطة بيت المال هذه المحطات في مجملها تغطي احتياج 8 مليون نسمة.. تعرضت هذه

المنشاءات منذ الايام الاولي للحرب الي تدمير شبه كامل بصورة متعمدة.. مما أثر علي إمداد المياه و جودة الخدمة.. ومازال الوجود العسكري لقوات الدعم السريع في بعض منها يعيق امر اصلاحها واعادتها للخدمة.. وهذا يعتبر استخدام لسلاح المياه (العطش) الذي ادي الي وقف الخدمات في هذا الجانب الحيوي والمهم لدفع المواطنيين الي الخروج من مناطق النزاعات.. باعتبار انهم ربما يمثلون عبئة كبيرا علي هذه القوات من ناحية تقييد حركتها او استغلالها كمصادر للمعلومات.

في جانب الزراعة خصوصا في ولاية الخرطوم مساحات واسعة خرجت من الدورة الزراعية في عدد من المشروعات سوبا شرق او سوبا غرب او سندس او غرب ام درمان بجانب المشروعات الزراعية في منطقة المقرن وعلي ضفاف النيل الأبيض والأزرق والنيل الرئيس علي امتداد  ولاية الخرطوم .. حيث كانت هذه المشروعات تمثل الإمداد الغذائي اليومي والموسمي لكافة سكان العاصمة المثلثة الخرطوم وامدرمان وبحري.. و البالغ تعدادهم 14 مليون نسمة حسب نتيجة اخر تعداد للسكان في العام 2014م..

إضافة لذلك الزراعة المطرية التي يعتمد عليها السودان بنسبة 60 ٪ والتي تمثل حوالي 40 مليون فدان نصف هذه المساحة خارج الدورة الزراعية في هذا العام وربما ذلك يهدد بفجوة في الغذاء المهددة اصلا لجميع الحزام الافريقي جنوب الصحراء ومنطقة القرن الإفريقي حسب المنظمة الدولية بسبب شح الأمطار والتغيرات المناخية.. في دارفور وكردفان

الأثر اكبر لاعتمادها بنسبة 100٪ علي الزراعة المطرية بجانب المشروعات الزراعية المصاحبة لمشروعات حصاد المياه في الريف السوداني علي وجه العموم بعد توقف عمليات الصيانة الدورية لهذه المشروعات بسبب الحرب وعدم الأمن وانعدام التمويل لهذه الصيانة التي كانت تسبق فترات الخريف لتخزين مياه الأمطار الموسمية ..فضلا عن العطش المتوقع في الصيف المقبل جرء ضعف التخزين وشح الموارد.. والنزاعات المصاحبة لحركة الرعاة بحثا عن المرعي.

كذلك القطاع الصناعي من المعلوم ان 80٪ من مصانع الإنتاج الغذائي موجودة في ولاية الخرطوم لذلك تأثر هذا القطاع بصورة كبيرة جراء هذه الحرب بماتعرض له من تدمير شامل وسرقات لأدوات الإنتاج و المنتجات ذلك يعتبر نسف شامل للبنية التحتية للصناعات خصوصا المواد الغذائية.. وهذا التخريب

المتعمد يحتاج الي سنوات من العمل المستمر بجانب التمويل لاعادته للخدمة من جديد..كذلك في جانب الطاقة او الكهرباء علي وجه الخصوص فقد خرجت كثير من المحطات المنتجة والمحطات التحويلية عن الخدمة في الخرطوم بحري والباقير وأم دباكر وأم درمان هذا الي جانب النفط الذي تمثله مصفاة الجيلي التي توفر 70٪ من احتياجات البلاد في جانب

المشتقات البترولية فهي الان خارج الخدمة وتحت سيطرة قوات الدعم السريع.. وقد تعرضت لانفجارين محدودين خلال الشهر المنصرم تمت السيطرة عليهمها في حينه.. لكن من المحتمل اذا تكرر ذلك أن لأ تسلم مساحة تقدر ب 20 كيلو متر في محيط هذه المنشأة من الدمار الكارثي.

في جانب الصحة فإن خروج 80٪ من المستشفيات الحكومية والخاصة الموجودة داخل ولاية الخرطوم يمثل عبئة كبير بما تعرضت له من انهيار شامل كذلك البنية التحتية لهذا القطاع تكاد تكون انهارات تماما ولا أمل لعودتها حتي بعد وقف الحرب إلا عبر مجهودات كبيرة ربما تتجاوز إمكانيات البلاد الحالية..

بالإضافة الي ذلك انهيار قطاع التعليم.. المدارس في جميع المستويات الدراسية وكافة الجامعات الموجودة داخل ولاية الخرطوم.. وخارجها جراء تعرضها الي التخريب بجانب استغلالها كدور للإيواء للفارين من جحيم الحرب.. فضلا عن منظومة البنية التحتية لمطار الخرطوم و للطرق والجسور التي استغلت للأليات و المدرعات الثقيلة.. بجانب انهيار جزئي لجسر شمبات وجسر خزان جبل أوليا.. بالإضافة الي الجسور الترابية.

هذا الواقع الأليم يحتاج الي قدر من التدبر والحكمة والنظر الي أهمية وقف الحرب عبر تفاوض يضمن عودة المواطنيين الي مساكنهم التي تستغلها الان قوات الدعم السريع كاماكن بديلة بعد أن فقدت معسكراتها خلال الأيام الاولي للحرب.. كذلك أهمية

خروجهم من الاعيان المدنية والمؤسسات الحكومية حتي يتمكن العاملين في الحكومة من مباشرة اعمالهم هذا بجانب إزالة كافة المظاهر العسكرية من الشوارع لتسهيل حركة المواطنيين.. فإن استمرار الحرب يعني مزيد من الدمار والنزاع الذي لاطائلة منه سوي الكلفة الاقتصادية الباهظة التي ظل يدفعها المواطن

السوداني.. جرء طموح فاسد لقلة من السياسيين يلونون الأهداف بغير حقيقتها و لا يدركون أهمية ان يظل المواطن أمن في بلاده قادرا علي ممارسة حياته

اليومية بسلام ..فقد بات الأمن والأمان للسودانيين اهم من الديمقراطية الكذوب التي افقدتهم امنهم وطمأنينيتهم جراء هذه الحرب المتغيرة الأهداف في كل مرحلة من مراحلها.. لذلك من المهم أن يستجيب العقلاء والحكماء لهذا الحديث الفاجع الذي اصاب

 البنية التحتية  للبلاد وصاب الإنسان قبل ذلك.. كما يجب أن يعلم الجميع ان كلفة الحرب عالية وان السلام مجانا قياسا بما نتجه الحرب من فظاعات ودمار للإنسان والبنية التحتية.. واذا لم يكن هناك عقلاء.. فالرجاء وافر في الأشقاء والأصدقاء عبر مبادراتهم الصادقة الهادفة لحقن الدماء وطي صفحة الحرب للأبد.. لذلك نحتاج ان ننهض جميعا

كسودانيين مع دعم الأشقاء و الأصدقاء دون استثناء بالفعل الايجابي لأجل الوطن السودان حتي تضع الحرب اوزارها عاجلا غير اجل.. حتي يتوقف نزف الموارد الاقتصادية والاجتماعيةو البيئية والتي علي رأسها الإنسان .
دمتم بخير،،
Shglawi55@gmail.com

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى