د. محمد يوسف قباني يكتب: ثمانية (8) تمارين تعزز مهارة الاستقلاية عند أطفالنا (6)
د. محمد يوسف قباني يكتب: ثمانية (8) تمارين تعزز مهارة الاستقلاية عند أطفالنا (6)
كنا في المقالات السابقة قد تناولنا نتائج عملية تشجيع الطفل على تعلم واكتساب المهارات الحياتية وعلى وجه التحديد مهارة الاستقلالية، وأنها عملية process ليس مستحيلة ولا عصية التطبيق، فمعظمنا يدرك أهمية
وجدوى أن يكون أطفالنا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، إلا أننا وللأسف دائماً ما نحاول أن نفعل عكس ذلك راكنين إلى منطقة راحتنا comfort zone ومربعات العادة والروتين غير الصائب، لأنه وفي كثير من الأحيان
نجد أننا نقوم وننجز واجبات الأطفال دون الانتباه من أننا بذلك لا نعلمهم، بل نسهم من غير قصد بمنع إعطائهم الفرصة ليقوموا بالواجبات والتكاليف لصنع طفل ضعيف إتكالي غير مبادر وكسول. لذا سنتناول اليوم بعض التمارين التي تعزز مهارة الاستقلاية عند أطفالنا:
1. إعطاء وتوفير الفرصة للطفــل كي يختار (الألعاب – الملابس – الطعام – أماكن الترفيه) لأنه من ضمن عملية الخيارات سيفكر وسيتخذ قراراً أو عدة قرارات حسب رغبته وميوله، مثلاً: هل تريد أن تأكل الفول أم العدس أم ماذا؟ هل تريد أن تشرب عصير الكركدي أم عصير
الليمون؟ هل تريد أن تلعب بالموبايل ساعة واحدة فقط أم تعلب كرة القدم ساعتين؟ وهكذا.. إن إعطاء الطفل مثل هذه الخيارات في بعض أموره الحياتية منذ صغره يساعده في تعلم مهارة الاستقلالية واتخاذ القرارات. فمن الصعب جداً أن ينمو الطفل ويكبر ليجد نفسه مضطراً
لاتخاذ قرارات حول حياته أو الدراسة أو العمل الذي يجب أن يختاره بدون أن يكون لديه خبرة سابقة في اتخاذ خياراته منذ طفولته. أتركوا للطفل حرية اختيار ملابسه على وجه التحديد، دع الطفل يظهر بالطريقة التي يحب أن يظهر بها واترك له الحرية في انتقاء
ملابسه وبالألوان التي يحبها حتى وإن كانت لا تُعجب الوالدين على أن لا تكون مخلة للمظهر العام والذوق والاتيكيت.
2. إظهار التقدير والاستحسان والاحترام لأي جهد أو محاولات للطفل عند أدائه أو إنجازه لأي واجب أو مهمة وإن اخفق فيها، فمثلاً: لا تقل له: لماذا تجد صعوبة في
حل هذه المسائل؟ هل صعبّ عليك حل المسائل؟ المسائل صعبة عليك لأنك لم تذاكرها جيداً. أحذر إطلاق الجملة الهدامة والعبارات المدمرة وأنت لا تدري. لذا ينبغي عليك أن تبدل هذه العبارات وتقول مثلاً: لا بد أنه لديك الكثير
من المسائل الأخرى وهذا عمل يحتاج إلى تفكير منك لحلها مجدداً. سامنحك بعض الوقت لمعاودة مراجعتها وحلها. محاولاتك جيدة ولكن هناك حلول أفضل، وهكذا. فعندما نقدر ونستحسن ونحترم ما يقوم به الطفل من جهد فإن ذلك يعطيه دافعاً لإنجاز المزيد. الغاية من
طريقة طرح أفكارنا (اسلوب تعاملنا وتناولنا للمهام) له بحيث تكون إيجابية محفزة ودافعة وغير محبطة للطفل.
3. عدم الاكثار من طرح الأسئلة عليه بشكل دائم ودفعةً واحدة، فمثلاً لا تقل له: هل شاركت في الفصل اليوم؟ ثم تسأله تباعاً .. هل تفاعلت وشاركت الأطفال الآخرين في
الروضة؟ كيف كانت أستاذتك مس ربيعة؟ هل أنهيت واجباتك؟ هل .. هل قمت .. هل فعلت .. هل أكملت .. لأن ذلك قد يشعره بأننا نقوم باقتحام حياته الخاصة. ومن المتعارف عليه أن الأطفال لا يتكلمون إلا عندما يرغبون بذلك. ليس معنى ذلك أن لا نطرح عليهم أسئلة على
الإطلاق لكن ما يهم هو أن نفهم وقع هذه الأسئلة على أطفالنا والوقت الذين يريدون أن يتحدثوا فيه، فليس من المنطق طرح هذه الأسئلة مباشرة عند عودته من الروضة أو المدرسة وهو متعب.
4. لا نتسرع في الإجابة على كل ما يطرحه الطفل من أسئلة، فمثلاً: لماذا يذهب أبي يومياً إلى العمل؟ لماذا لا تعمل أمي مثل أبي في مكان العمل؟ لماذا .. لماذا.. وهنا يمكننا أن نجاوب على الطفل بأن نقول مثلاً: “برأيك أنت ماذا تظن؟” “في رأيك أنت ليه بابا بمشي الشغل؟” أو
“ماما برضو بتمشي الشغل؟” ونبدأ بمساعدته لإعمال عقله وتحريك عضلات دماغة الحي وأن يستنتج لوحده مع بعض التلميحات لتحفيز قدراته على التفكير المستقل، فمن حقهم علينا أم ينالوا فرصة للتفكير بأسئلتهم والبحث عن الأجوبة لها بأنفسهم.
5. تشجيع وحث الطفل على أن يطلب المساعدة في حال احتاجها من الأشخاص المحيطين به. يجب أن يعلم ويعرف أن بإمكانه أن يلجأ إلى العالم المحيط به لتقديم المساعدة له في حل مشاكله/تحدياته خارج المنزل. قد يسأل الطفل مثلاً: لا أعرف الطريق الثاني الذي يؤدي إلى
المدرسة أو لقد ضيعت كتابي أو قلمي .. لا اُحب مادة كذا وكذا .. أرغب في تعلم الذكاء الاصطناعي حتى أصمم سيارة .. أبحث عن تطبيقات الموبايل لتعلم الــ Jolly Phonics، أُحب مادة الرياضيات وأطمح في احراز
درجة عالية فيها .. وهكذا. وفي مثل هذه الحالة، يمكن أن تقول له: ما رأيك أن تسأل صديقك الذي يسكن بجوار الطريق الثاني وهو معك في نفس الصف. أو يمكنك طرح سؤالك بشأن التفوق في مادة الرياضيات على استاذتك مس هناء لتساعدك وتعطيك نصائح مفيدة لك
.
6. زرع الأمل لدى الطفل، فمثلاً عندما يخبرك الطفل أنه يرغب في أن يصبح في وظيفة مرموقة حسب ما يسمعه من الأهل: عايز أكون دكتور أو مهندس أو .. أو .. عندما يكبر، لذا تفاعل معه ولا تحبطه وتقول له بدرجاتك
المنخفضة في مادة كذا وكذا لن تتمكن من تحقيق ذلك ولا أريدك أن تفشل وتشعر بالخيبة عندما تكبر ولا تحقق أمنيتك، ولكن بإمكانك أن تقول له: إذاً أنت تطمح أن تصبح مهندساً، بوركت وبوركت جهودك المخلصة وعليك
الاجتهاد أكثر فأكثر حتى تنال مبتغاك. لأنه لدى محاولتنا غير المقصودة تجنيب الطفل لخيبات الأمل في المستقبل لقصر نظرتنا لدواخل وإمكانيات أطفالنا، فإننا بذلك نبعدهم بغير قصد عن الأمل والمثابرة والاجتهاد والعمل
على تحقيق الأمنيات. وهناك الكثير من العبارات الإيجابية التي يجب أن يسمعها الطفل لزرع الأمل داخله مثل: أتعلم منك أشياء جديدة يا إبني – يا بنتي، اليوم أنت أضفت لي معلومة جديدة، أثق بك كثيراً، أُحب إبداعك، معجب باسلوب ترتيبك للغرفة، استمر يا غالي
في اجتهادك، أنت مهم/مهمة للغاية في حياتنا، يعجبني اسلوب نطقك للحروف أو حلك للمسائل، سعيد أن نعمل معاً لحل هذه المسائل، سؤالك أكثر من رائع، وهكذا من العبارات الإيجابية التي تترك في أثراً جميلاً داخل نفوسهم.
أ. عندما نقول له: نحن واثقون فيك = سيكون إنسان صادق
ب. عندما نقول له: ما رأيك؟ = سيتعلم اتخاذ قرارات وتحمل مسؤولياتها
ت. عندما نقول له: نحن مدركون إنك تستطيع أن تعمل كذا = نشجعه أن لا يستسلم
ث. عندما نقول له: نحن ممتنون لك = يجب أن نحدد سبب شكرنا له، وسيفرح
ج. عندما نقول له: نحن نشعر بك = سيطمئن إننا نشعر به وسيتعلم التعاطف
ح. عندما نقول له: أنت مميز = سنعرفه أن قوته في تميزه واجتهاده
خ. عندما نقول له: نحن مبسوطين وانت معنا = سيشعر أن له قيمة
د. عندما نقول له: نحن نحب عملك هذا … = يجب أن نحدد أعمال إيجابية قام بها
7. حث الطفل ليجيب عن الأسئلة التي تتعلق به وبأوموره بنفسه ولا تساعده في صياغة الإجابات، مثلًا: عندما يسأل أحدهم: هل الطفل مبسوط بانتقالهم للسكن الجديد؟ وهل هو متجاوب مع جيرانه الجدد من الأطفال في السكن الجديد؟ هل هو متضايق من فقدانه التواصل
مع أصدقائه القدامي في السكن السابق؟ هل هو حزين أم سعيد؟ هل يشعر بالسعادة لنجاح أخته وتفوقها؟ لذا دعه يخبرك بنفسه وبلغته الخاصة وبمشاعره الصادقة تجاه كل ما يتعلق بحياته وخصوصاً الأمور الخارجية في بيئته المحيطة ومجتمعه القريب.
8. حسن الإصغاء إلى مشاعر الأطفال: لا يفوت عليكم الأثار الطيبة لحسن الاستماع وفن الإصغاء على أي إنسان، فما بالنا عندما نصغي باهتمام وحب إلى مشاعر الأطفال وتصوراتهم وخيالاتهم وأفكارهم، فذلك يشجعهم
على حل ما يواجههم من تحديات، وهذا وبدون أدنى شك سوف يعزز ثقتهم بأنفسهم وقدراتهم على الاعتماد على أنفسهم في أمور حياتهم وشؤون دنياهم.