مقالات

د. ايمن لطيف يكتب: ..بالقلم الأسمر… الكوليرا في زمن الحرب..توعيةٌ و إنذار..

د. ايمن لطيف يكتب: ..بالقلم الأسمر… الكوليرا في زمن الحرب..توعيةٌ و إنذار..

 

 

مواصلة لسلسلة التوعية الصحية سأحاول اليوم تسليط الضوء على أحد الأمراض التي تفشت بصورة كبيرة في الآونة الآخيرة (أوبئة الحرب)؛ نتيجة للدمار الكبير الذي لحق بمصادر المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى التلوُّث غير المسبوق في الأطعمة وسوء بيئة أسواق المواد الغذائية والخُضر والفاكهة بأغلب مُدن ولايات السودان الثمانية عشر،

●وإن كنا قد تناولنا في المقال السابق (حمى الضنك)؛ فإننا اليوم نتناول وباء (الكوليرا) الذي إنتشر بصورة كبيرة في عدد من الولايات السودانية على رأسها ولايات دارفور وكردفان بمدنها الكبرى ومحلياتها و قراها المختلفة ،

●حيث تم تسجيل إجمالي إصابات [13 ألف حالة] ، 102 حالة منها خلال اليومين الماضيين فقط- ، وقد بلغ إجمالي الوفيات حتى يوم الجمعة 25 سبتمبر الجاري [554 حالة وفاة]؛

●وقد نالت الفاشر “المحاصرة” النصيب الأكبر، وكان للدمار الهائل الذي لحق بالمستشفيات والمراكز الصحية وبقية المرافق بجانب محطات ومصادر مياه الشرب الأثر الأكبر في هذا التفشي،

وقد كان لمعسكرات النازحين نصيب الأسد من إنتشار “الكوليرا” بسبب إزدحام المخيمات وعدم توفر مياه شرب صالحة في تلك المعسكرات،،

●وبعد تبيان تلك الأرقام “المؤلمة” التي تعكس واقع المرض وأنتشاره ، نرى بأن الواجب يفرض علينا المضي بالحديث في الجانب التوعوي “الطبي” لتوضيح الكثير من المعلومات المهمة المتعلقة بوباء (الكوليرا)-
تعريف المرض، أسبابه، أعراضه وعلاماته، المضاعفات، كيفية تحضير “ملح التروية” في المنزل أو مكان الإصابة، بجانب طرق الوقاية والعلاج…

●”الكوليرا- cholera” عبارة عن مرض بكتيري يصيب الأمعاء الدقيقة وتسببه بكتيريا تسمى
Vibrio cholerae

●أعراض الكوليرا :
-إسهال مائي حاد..
-قيء
-جفاف..

ولابد هنا من التركيز على العَرَض الأول وهو أخطر عرض، بل هو السِمة المميزة- للكوليرا، حيث يمكن أن يؤدي الإسهال الحاد إلى الجفاف، ثم إلى مضاعفات الكوليرا الخطرة “حال إهماله” أو عدم تداركه،، وهنا لابد من تمييز “لون وشكل” البراز حتى لايتم الخلط بينه وبعض الأمراض الأخرى المصحوبة بالإسهالات، حيث يمكن وصف إسهال الكوليرا بأنه “مائي” – فجائي- غير مصحوب بألم عادةً، (أبيض اللون) شبيه بماء الأُرز وهذه هي الصفة الأميز للون البراز..

●و مرض الكوليرا يمكن أن يُصبح “مميتاً” خلال ٤ ساعات فقط من بدأ الفقدان في حال عدم التعويض وذلك بالوصول لمرحلة “الجفاف” بسبب الإسهال+ القيء المتواصل؛

وهذا مايقودنا للحديث عن مرحلة العلاج حيث تعد الخطوة الأولى والأساسية هي (تعويض الفقدان عبر تناول أكبر قدر من السوائل)- حتى قبل الذهاب إلى المستشفى- كما أن التعويض يمكن أن يحدث عن طريق المحاليل الوريدية “بعد الوصول إلى المرفق الصحي”،

وحتى لانصل لمرحلة “الجفاف” يجب أن نعرف كيفية تحضير ملح التروية “التعويضي” بالمنزل- حيث يتم غلي لتر من الماء “النظيف” – يضاف إليه (٦) ملاعق كبيرة من السُكّر ، و نصف ملعقة ملح و نقطة أو نقطتين من الليمون، تخلط جيداً ثم تعطى للمريض مع كل فقدان ، بجانب الإكثار من تناول السوائل بصورة كبيرة للتعويض المباشر،

●ثم تأتي المرحلة الآخيرة في العلاج – بعد تدارك الفقدان وتعويض السوائل- وهي إعطاء المضادات الحيوية لتقليل خطر العدوى والإلتهابات المصاحبة بالقضاء على البكتيريا المسببة ،

●الوقاية من الكوليرا تكون ب:
-شرب الماء النظيف – من مصادر مياه صالحة، إضافة لغلي الماء قبل الشرب،
-تناول الطعام النظيف وتجنب الأطعمة الملوثة .. ويجب طهي الأطعمة جيداً قبل تناولها وتجنب تناول الخضروات والفواكه الطازحة في فترة تفشي الوباء،

-النظافة الشخصية ، وغسل اليدين جيداً بالماء والصابون بشكل متكرر.. وعدم التبرز في العراء لأن ذلك يزيد من فُرص الإنتشار عبر “الذباب” الناقل،

-كذلك يُعد تناول بعض العقاقير الطبية بعد إستشارة الطبيب أحد طرق الوقاية من الكوليرا، حيث صرحت منظمة الصحة العالمية WHO بتناول دواء Doxycycline للكبار (٣ حبات.. مرة/الإسبوع)،

و erythromycine للأطفال “الجرعة بحسب وزن الطفل”،

●وقُبيل الختام لابد من إزالة مفهوم خاطيء يسود في مجتماعتنا بصورة عامة، سيما القروية منها، حيث يقوم البعض بمنع الطعام والشراب عن المريض بِعلَّة “الإسهال” وهذا أمر خاطيء بكل تأكيد لأنه يزيد الأمر تعقيداً ويسرِّع بالوصول إلى مرحلة الجفاف “القاتلة”، لذلك يتحتم علينا كما وضحنا أعلاه الإسراع في عملية التعويض بالسوائل و “ملح التروية” بحسب الطريقة المذكورة آنفاً- حتى الوصول إلى المرفق الصحي لتلقي المزيد من الرعاية والعلاج..

■ *نهاية المداد:*
-اللهم أرحم روحاً أغلى من روحي#
و…
نلتقي إن كان “بالقلم” بقية#
*Dr.Ayman.A.latif*

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى