مقالات

جدية عثمان تكتب: الخرطوم تنتصر… سجدة العرفان وبداية البناء

 


جدية عثمان تكتب: الخرطوم تنتصر… سجدة العرفان وبداية البناء

 

عندما سجد البرهان، كانت لعمري سجدة العرفان، سجدة الخضوع للخالق الرحمن، سجدة من لم يخن الأوطان. كان المشهد مهيبًا، والخبر عظيمًا: تحررت الخرطوم!

في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان، أشرقت شمس الحرية من جديد على الخرطوم، المدينة التي قاومت وصمدت حتى عادت إلى حضن الوطن. لم يكن هذا التحرير مجرّد استعادة للعاصمة فحسب، بل كان استعادةً للكرامة والعزة، وإعلانًا بأن السودان باقٍ بشعبه وجيشه، لا ينكسر ولا يُهزم.

منذ اندلاع الأزمة، ظلّ الشعب السوداني يترقّب لحظة الفرج، لحظة الخلاص من الفوضى والشتات، اللحظة التي تعود فيها الخرطوم خالية من “الكدايس” التي وعد بها حميدتي. واليوم، تحقق الحلم، وسُطر في صفحات التاريخ فصل جديد من فصول الصمود والتحدي.

إنه ليس انتصارًا عسكريًا فحسب، بل انتصارٌ للإرادة الوطنية التي أبت أن تنكسر، وانتصارٌ للعزيمة التي لم تلِن رغم المحن. فمنذ بداية الأحداث، رفع أبناء السودان

الشرفاء، في الداخل والخارج، شعار الصبر والثبات، وآمنوا بأن الخرطوم ستعود، مردّدين: “شعب واحد، جيش واحد”. وها هي تعود في شهر الرحمة والانتصارات، حيث تجلّت بركات رمضان في أبهى صورها.

لم يكن تحرير الخرطوم ليتم لولا تضافر جهود جميع أبناء السودان، جيشًا وشعبًا، رجالًا ونساءً، شيبًا وشبابًا. لقد قدّم السودانيون للعالم درسًا في الوحدة الوطنية، حين اجتمعوا تحت راية واحدة: راية السودان الحرّ، السودان الذي لا يقبل الخضوع ولا الانقسام.

لعمري، لم تكن هذه لحظةً عابرة، بل هي بداية مرحلة جديدة؛ مرحلة بناء السودان على أسس العدالة والحرية والسلام. السودان اليوم أقوى مما كان، وأكثر إصرارًا على تجاوز الأزمات والمضيّ قُدمًا نحو مستقبل مشرق يليق بتاريخه العريق.

وفي كل بيت سوداني، في كل شارع وزقاق، ارتفعت الدعوات وشُكرت النِّعَم. الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في هذا الصراع وجدن عزاءهن في هذا النصر، والشباب الذين حملوا همّ الوطن تنفسوا الصعداء، والأطفال الذين لم يعرفوا سوى أصوات الرصاص سيعرفون الآن معنى السلام.

إنها لحظة فخر وفرح، لحظة نعيد فيها بناء ما تهدّم، ونضمد فيها الجراح، ونعاهد أنفسنا أن نحافظ على هذا الوطن الغالي، وألا نسمح لأي عدو، داخليًا كان أو خارجيًا، أن يعبث بأمنه واستقراره مرة أخرى.

 

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى