العالمية

أسوأ عام في تاريخ البشرية قد لا يكون العام الذي تعتقده

أسوأ عام في تاريخ البشرية قد لا يكون العام الذي تعتقده

كان عام (536 م) رهيبا لأن الشمس كانت مضيئة مثل القمر وبدت مثل ظاهرة الكسوف خلال ذلك العام بأكمله

العهد اونلاين / وكالات

إذا سألك أحدهم عن أسوأ عام في تاريخ البشرية، فماذا سيكون تخمينك؟ لقد كان عام (1347م) سيئا للغاية، حيث ضرب الموت الأسود أوروبا بشكل خطير. إضافة إلى ذلك، مثّل عام 1918 بداية جائحة لإنفلونزا قتلت حوالي 100 مليون شخص، حتى أن جائحة كورونا لا تعد سيئة مقارنة بهما.

وفي تقرير نشره موقع “ساينس ألرت” (sciencealert) الأميركي، قال الكاتب ميشيل ستار إن الناس ربما لم يُفكروا أبدا في أكثر الأعوام سوءا ألا وهو عام (536 م). وعلى حد تعبير عالم الآثار بجامعة هارفارد ومؤرخ العصور الوسطى لمجلة “ساينس” عام 2018، مايكل ماكورميك، كان “ذلك العام بداية لواحدة من أسوأ فترات الحياة”.

ضباب غامض

لقد كان (536 م) العام العاشر لعهد الإمبراطور البيزنطي جستينيان الكبير، حيث لم يحدث أي شيء يُذكر على الصعيد البشري باستثناء المناوشات المملة المنتظمة. ولم تكن هناك أوبئة متفشية أو إبادة جماعية كبيرة بشكل غير اعتيادي.

في المقابل، كان هناك شيء غريب يحدث في السماء، حيث غمر ضباب غامض وقاتم السماء حجب الشمس، مما أدى لانخفاض درجات الحرارة وإطلاق العنان لأعوام من الفوضى حول العالم، فانتشر الجفاف وأُتلفت المحاصيل الزراعية ونزلت الثلوج في فصل الصيف في الصين وانتشرت المجاعة.

من جانبه، كتب المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس أن “هذا العام كان رهيبا للغاية، نظرا لأن الشمس كانت مضيئة مثل القمر، خلال ذلك العام بأكمله، وبدت إلى حد كبير مثل ظاهرة الكسوف”.

انفجارات بركانية كارثية

كانت هناك أدلة تشير إلى أن الانفجارات البركانية الكارثية هي السبب، ليس فقط في قلب الجليد من القارة القطبية الجنوبية وحلقات الأشجار من غرينلاند، وإنما أيضا في بروز آثار الظواهر البركانية اللاحقة، التي تسببت بدورها في انخفاض درجات الحرارة على مستوى العالم وحدوث مجاعة مدمرة.

وفي عام 2018، أسفر التحليل الجليدي المفصل لنهر كول غنيفيتي الجليدي على الحدود بين سويسرا وإيطاليا عن معلومات جديدة حول الضباب الرهيب الذي غمر العالم.

في الحقيقة، يعتبر قلب الجليد مصدرا أثريا رائعا، حيث تتراكم رواسب الجليد الدائمة تدريجيا، من خلال تساقط الثلوج كل سنة، ويعني ذلك أنه يمكن العثور على رواسب الجليد لأي عام معين ومعرفة ما كان يحدث في الغلاف الجوي.

وفي عام (536 م)، اختلط الرماد البركاني والحطام المسمى تيفرا مع طبقة الجليد، مما يشير إلى وجود ظاهرة بركانية كبيرة.

في السياق ذاته، أظهرت عينات القلب الجليدي في غرينلاند وأنتاركتيكا دليلا على حدوث انفجار بركاني ثانٍ في عام (540 م)، تسبب في ظهور “غيمة” من البؤس طال أمدها. وبعد ذلك في عام 541، ظهر طاعون جستينيان، وسار كل شيء من سيء إلى أسوأ.

التلوث بالرصاص

في حوالي عام (640 م)، لاحظ الباحثون علامة على الجليد تتمثّل بالرصاص، والتلوث بالرصاص لا يعد جيدا على الإطلاق، حيث ظهر عندما بدأ البشر بتعدين الفضة وصهرها. ثم حدث ارتفاع آخر في معدلات الرصاص في الجليد في عامي (660 و695) الميلاديين حيث كان البشر يصنعون القطع النقدية الفضية.

وكتب الباحثون في ورقة البحث إن “تحليل الجليد عالي الدقة يقدم تسلسلا زمنيا جديدا ومستقلا لإنتاج الفضة المتجدد في أوائل العصور الوسطى الغربية”. وبشكل عام، كان الاقتصاد بصدد التعافي، إذ لم يستغرق الأمر سوى 100 عام أو نحو ذلك.

ومن المثير للاهتمام أن قلب الجليد يظهر كذلك تراجعا في درجة تلوث الجليد بالرصاص خلال الفترة الممتدة بين عامي 1349 و1353. ويتزامن ذلك تماما مع التسلسل الزمني للموت الأسود، حيث استخدمه الباحثون كعلامة لتحديد صحة تقديرهم للعلامات البركانية وارتفاع درجة التلوث.

المصدر : ساينس ألرت

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى