أثار جدلًا واسعًا مابين مؤيد ورافض!!دمج الوزارات الولائية .. ترشيدٌ أم تخبط؟!
تقرير: محمد جمال قندول
هل نحتاج إلى الدمج لتقليل الإنفاق، أم إلى زيادة الإنتاج؟!!
عبدالعزيز الزبير باشا : عملية الدمج الوزاري في الوقت الراهن غيرُ مجديةً
د. بطران: التكلفة المالية والإدارية لن يتم تخفيضها بمعزلٍ عن جراحاتٍ عميقة
أثار قرار دمج الوزارات بالولايات جدلًا واسعًا خلال اليوميين الماضيين، حيث انقسم الرأي العام حوله ما بين مؤيد ورافض.
ويأتي التوجه الحكومي الجديد لوزارة الحكم المحلي بتقليص الوزارات الولائية والولايات تشهد ضغطًا كبيرًا على خدماتها ومواردها، بسبب موجة النزوح الكبيرة جراء حرب الخامس عشر من أبريل حيث فرض تمرد ميليشيات الدعم السريع، واقعًا مأساويًا بعددٍ من ولايات البلاد شرقًا، وشمالًا، وسطًا وغربًا.
الإنفاق الوزاري
وكان وزير الحكم الاتحادي المهندس محمد كرتكيلا صالح، قد أصدر قرارًا بدمج الوزارات الولائية في ثلاث ولايات بدلًا عن سبعة أو خمسة في بعض الولايات، وتسمى الأولى وزارة المالية وتنضوي تحت لوائها الوزارات الاقتصادية، وتسمى الوزارة الثانية التربية
والتعليم والخدمات وتضم (البنى التحتية، والشؤون الهندسية، والأوقاف، إلى جانب الثقافة والإعلام، والشباب والرياضة)، وتضم وزارة الصحة وهي الوزارة الثالثة (الرعاية الاجتماعية، والزكاة والتأمين الصحي، فضلًا عن المعاشات والعون الإنساني).
ويقول الخبير المتخصص في إدارة المخاطر، الاقتصادي د. عبد العزيز الزبير باشا، إنّ عملية الدمج الوزاري في الوقت الراهن غيرُ مجديةً إن لم تصطحب معها عامل التلافي والترهل الإداري، لأنّ ذلك سوف يقود إلى نقطة تفاقم الأزمة الإدارية الإنتاجية، ورغم أنّ الأمر في ظاهره يبدو كتقليل للإنفاق على القطاع الوزاري في خضم الراهن العقيم للحرب.
ويشير محدّثي في معرض الطرح إلى ضرورة مراعاة تقليل بنود الإنفاق الوزاري ليتم توجيه ذلك إلى دعم وإسناد المجهود الحربي والإنتاجية وعدم إضافة أية أعباء إضافيةً على الوزارات الأساسية، وخلق وزارة متكاملة للإنتاج الاقتصادي والخدمي، تكون هي محصلة الدمج المعني في توظيف ترشيد الإنفاق في محله تمامًا.
وتساءل د. عبد العزيز قائلًا: هل نحتاج إلى الدمج في ناحية تقليل الإنفاق، أم إلى ناحية زيادة الإنتاج؟ وخصوصًا أنّ الشكل العام لقرار الدمج الوزاري به عبءٌ إضافي ومخاطرة إدارية بحتة على الوزارات المعنية ولائيًا.
لذلك، لا بد من التفريق ما بين الأزمات والنواحي الخدمية، إن كان الجهاز التنفيذي (الاتحادي والولائي) حريصيْن على دعم وإسناد المجهود الحربي والإنتاج الخدمي.
تحديات المرحلة
وكان وزير ديوان الحكم الاتحادي كرتكيلا، قد ذكر بأنّ قرار الدمج جاء مراعاة ظروف البلاد الاقتصادية، خوتخفيف العبء الإداري.
وذكر في خطابٍ أمس الأول (الثلاثاء) وتم تعميمه للولايات، أنّ الدمج يعمل على تعزيز التفكير الإبداعي للممارسة الإدارية، وتمتين روح الفريق الواحد، وتقليل نطاق الإشراف الإداري للولاية، ومواجهة تحديات المرحلة.
بدوره، يرى الخبير الاستراتيجي د. عصام بطران إنّ الحكم الاتحادي له ثلاث مستويات (الاتحادي، والولائي، والمحلي)، لافتًا أنّ التكلفة المالية والإدارية لن يتم تخفيضها بمعزلٍ عن جراحاتٍ عميقة تتم في المستويات الثلاثة وأهمها: (المستوى الاتحادي) الذي يعاني ترهلًا وتضخمًا في الوزارات والهياكل خصمًا على الولايات التي هي في الأصل منبع تقديم الخدمات المباشرة للمواطنين.
ويضيف د. بطران قائلًا إنّه لا بد من إجراءِ جراحاتٍ عميقةٍ على مستوى المحليات التي أصبحت مرتعًا للجهوية والمناطقية وبعضها حواضن قبلية وإثنية للتمرد على الدولة، وزاد: وزارة الحكم الاتحادي مطالبة بأن تبدأ
من قمة الهرم في الحكم الفيدرالي وتتدرج إلى أدنى، وتابع: وأرى بدايتها من وسط مستويات الحكم بدعاوي تخفيض الكلفة المالية قرارٌ غير موفق، خاصةً أن الوقت غير مناسب لتقليص تقديم الخدمة للمواطنين مع إبقاء السيطرة الاتحادية والقبضة المركزية.
وأشار الخبير الاستراتيجي د. عصام بطران إلى ضرورة اتباع إجراءات هيكلية أخرى لضمان نجاح الخطوة.
ويرى مراقبون أنّ ترشيد الإنفاق الحكومي لو بدأ بالجهاز التنفيذي الاتحادي لكان مقبولًا، ولكن أن تطال مؤسسات الحكومة الولائية في ظل ما تعانيه من ضغوطٍ وتحدياتٍ كبيرة خاصةً ولايات مثل: (البحر الأحمر، ونهر النيل، والشمالية، وكسلا والقضارف)، لا يتسم بالموضوعية لجهة أنّ هذه المدن تعرضت لضغطٍ كبير وتكتظ بإعدادٍ سكانية كبيرة بعد الحرب جراء النزوح.